التحديث السردي والخروج عن النص برواية تيموجين لـ “عوني صادق”

وليدة محمد عنتابي | ناقدة سورية – العراق

رواية ترصد أحداثا تاريخية فاصلة في خطوط زمنية لمحطات أطلقت مركباتها في اتجاه الحاضر ليلتقي اليومي بالأزلي، ويصطدم الشبيه بالشبيه، وما أشبه اليوم بالأمس في دائرة عود على بدء.

تحكي الرواية قصة فريق عمل لفيلم سينيمائي يروي مأساة بشرية وحضارية فجرها قطيع من الجهل والهمجية استبدت به شهوة الطمع للاستيلاء والاجتياح، وقد امتطى رأسه في اتجاه الجلجلة. 

ذلك المغولي القادم بوحشيته وجلفه من أغوار جنون لا يشق له غبار؛ وقد دمر وأحرق وأغرق، وقتل واغتصب ومثل، وشرب من كل دم ما يغرق مجرات لا حصر لها.

إن ما يفعله ذلك الجينكزخان الذي أخذ في الرواية اسم تيموجين، لا يغفره له التاريخ؛ وسيبقى وصمة عار على جبين الأبدية.

ترصد الرواية ما يجري في كواليس الفيلم  من مفارقات وأحداث،  تتشابه  وتتواءم مع مثيلاتها من خلال حقبة زمنية سلفت،  توثق علاقات أفراد هذا الفريق، وما ينجم عنها من مفاجآت، رابطة الماضي بالحاضر، مسلطة الضوء على أزلية الشر والظلام  .

حيث تربط القارئ وهو في لحظته الآنية بلحظة مشابهة لها ، حدثت في الماضي.

في خروج الكاتب عن سياق السرد التقليدي وانتقاله من الحاضر إلى الماضي والعكس،  يجسد لنا تشابه الأحداث والمواقف حاضرها وماضيها  أمكنتها وأزمنتها .

ينتقل القارئ على صهوة المسرودة الجامحة وهي تعلو به جبالا وتهبط به وهادا، تخضه تارة مطلقة زبده في فضاء الحكاية؛ وتهدهده أحيانا مثيرة فيه حنينه إلى مافات ولا يمكن استعادته إلا بالخيال .

تغادرنا أزمنة وتتوالى علينا أزمنة مشابهة ومغايرة بذات الزخم وقد رخمت آثارها متأبدة في الوجدان الحي للمنظومة الكونية .  

فإذا بنا نلج التاريخ من بوابة الحاضر ، على شاشة المخيال  الروائي  الذي تمكن من امتلاك اللقطة البارعة على شريط الهنا والآن؛  إلى مالا يمكن إدراكه والإمساك به، لكنه يمكث دائما في قاع جيناتنا مشكلا خرائط جينومية لطفرات مذهلة. 

رواية تستفز أعصابنا، أطلقتنا على أجنحة المفارقة إلى فضاءاتنا القصوى، محملين برسائل مشفرة إلى عوالم احتمالية قد تتحقق يوما .

يختتم  الكاتب روايته فيقرر :

وانقضى عام .

عام كامل حسبته ولى بكل ثقله وصخبه وجنونه  … لا جنوني أنا الذي انفرط عقده على شريط سينمائي، اعتبرته قبل أن أغلق الكاميرات وأطفئ كشافات الإضاءة الساطعة وأضع كلمة النهاية؛  حلم عمري الذي عانيت لسنوات من أجل تنفيذه ، لأترك شهادتي الحية على مأساة العالم .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى