التنمية السياسية وأزماتها في الساحة الفلسطينية

محمد زهدي شاهين | فلسطين

تعتبر التنمية المستدامة بمفهومها العام نشاطا شاملا لكافة القطاعات في الدولة، عامة كانت أم خاصة، من خلال دراسة الماضي، وفهم الواقع الحالي والعمل على تغييره نحو الأفضل، والتخطيط الإستراتيجي لغد أفضل ومستقبل مشرق، والعمل بكفاءة من خلال الاستغلال الأمثل للموارد المتاحة.
التنمية المستدامة تشمل بطبيعة الحال كافة المجالات الاجتماعية والتعليمية والإقتصادية والسياسية والعسكرية والإنسانية والثقافية والإعلامية وغيرها من المجالات المتعددة، بحيث تعتبر عملية تكاملية ومترابطة تهدف الى رفع وتحسين مستوى المعيشة لمواطني الدولة كافة وتلبية احتياجاتهم، وضمان معيشة أفضل للأجيال القادمة.

تعددت التعريفات لماهيّة التنمية السياسية، وإحدى تلك التعريفات تعتبرها بأنها مجموعة من الوسائل التي تستخدمها الدول في تطوير سياساتها الداخلية والخارجية على حد سواء.
وهناك تعريف أخر يقول بأنها تحديث البنى السياسية الإستراتيجية التي تؤدي الى الإستقرار العام والأمن والسلم الإجتماعي.
هناك الكثير من الأزمات التي تواجه التنمية السياسية في كثير من الدول، أمّا في ساحتنا الفلسطينية فنذكر منها على سبيل المثال لا الحصر الأزمات الآتية بشكل موجز ومتسلسل:
أولا: أزمة الشرعية الناشئة بسبب عدم الاجماع الوطني والشعبي للنظام السياسي الفلسطيني في الضفة الغربية وفي قطاع غزة على حد سواء، والتشكيك فيه وفي قانونيته ويبدو ذلك جليا في قطاع غزة أكثر من الضفة الغربية.
ثانيا: أزمة الهوية الوطنية جراء التقوقع في خانة الولاءات الحزبية والمناطقية والعشائرية الضيقة على حساب الولاء للهوية الوطنية التي يتوجب علينا جميعنا تعزيزها.
إن الهوية الوطنية الفلسطينية في حالة وهن وخمول اليوم والمؤشرات التي توحي بذلك كثيرة ومتعددة، منها حالات المقاومة الفردية في الضفة الغربية والقدس، وكذلك إضرابات الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال الإسرائيلي.
ثالثا: أزمة الإنقسام الفلسطيني جراء أزمة الشرعية لعدم إجماع الكل الفلسطيني على شرعية واحدة ، فتعدد المرجعيات يعتبر خنجرا مسموما في خاصرة قضيتنا الفلسطينية.
رابعا: أزمة المنتفعين من الوضع القائم الحاصل جراء البنود سالفة الذكر، والمقاومين لأي عملية تنمية سياسية أو تغيير نحو الأفضل كونها ستقوض امتيازاتهم وخلخلة مواقعهم ، فلأي ظاهرة هناك منتفعون ومتضررون منها على حد سواء.
خامسا: أزمة الثقة الفلسطينية :
من الواضح للعيان اليوم بأن الفلسطينيين كما يبدو قد فقدوا الثقة بأنفسهم، والكثير منهم أمسى مستسلما للأمر الواقع، ويشعرون بالعجز والإحباط لعدم وجود أفق سياسي معين، ومن تبعات أزمة الثقة هذه عدم إستجابة الشارع الفلسطيني بنسب عالية للدعوات التي توجهها لهم الفصائل والأحزاب الفلسطينية.
سادسا: ارتباط بعض الفصائل والأحزاب والشخصيات الفلسطينية بأجندة خارجية.

بما أن التنمية أو إلاستثمار في الأفراد هي من أهم الإستثمارات بشكل عام، باعتبار الفرد اللبنة الأولى والأرضية الصلبة والعمود الفقري والأساسي والمركزي في الدولة، إذ يعتبرالفرد من أهم الأصول المؤثرة في الوضع الاقتصادي والاجتماعي ، وأهم عنصر له تأثير كبير على الوضع السياسي في الدولة، علما أن الوضع العام في الدول منوط برمته بالوضع السياسي لأهميته وانعكاسه المباشر على مجمل نواحي الحياة. لذلك يجب أن يكون لدى الفرد مستوى جيد من الثقافة بشكل عام، ووعي سياسي بشكل خاص يمكنه من معرفة أهمية دوره في التغيير من خلال المشاركة الفعالة في الحياة العامة كالانتخابات مثلا، فالإنتخابات الديمقراطية والنزيهة تعد مخرجا لكافة الإزمات السابقة، لهذا لا بد من التوافق على إجرائها باسرع وقت.
عن طريق الإنسان المثقف الواعي والمتعلم تتقدم الأمم وتزدهر. وفي عملية البناء يكون البناء سليما معافى، إذا كان الفرد لبنة سليمة معافاة وتمتلك الوعي الثقافي والسياسي المطلوب، ويكون البناء هشا ضعيفا رخوا، اذا كان الفرد لبنة ضعيفة
هنا بالتحديد يأتي دور المؤسسات السياسية المعنية بالتوعية وتثقيف مجتمعنا الفلسطيني، واستخدام وسائل تركز وتأخذ في الحسبان أهمية الموارد البشرية وإستثمارهم سياسيا كونهم حجر الأساس في أي بناء كان.
8-11-2020

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى