والله نسيت ملامح أبويا

المحامي حسن عبادي | فلسطين

صُعِقت حين شاهدت على صفحة فيسبوكيّة صورة الطفلة ريتال مُرفقة بنصّ مستفزّ: “هذا الصباح أبكت كل أخواتها ووالدتها عندما قالت فجأة: (والله انسيت ملامح ابويا)… فحملت صورته وبكت الصغيرة”!

غادرت حيفا الخامسة والنصف صباحًا، برٍفقة الصديق مصطفى نفاع، لزيارة المعتقل محمد خليل محمد الحلبي، والد ريتال، في سجن ريمون الصحراويّ. أطلّ على غرفة المحامين منتصب القامة، التقيته للمرّة الأولى، وقفت لمصافحته عبر الحاجز الزجاجيّ الفاصل، وبادرت قائلًا: “ريتال والشباب بسملوا عليك” وفجأة كُسر ذاك الحاجز لنبدأ حديثًا مطوّلًا لساعتين من الوقت.

شغل محمد قبيل اعتقاله يوم 15.06.2016 مديرًا لمؤسّسة الرؤية العالميّة((World Vision  في قطاع غزّة، محاكمته في مركزيّة بئر السبع ما زالت مستمرّة والجلسة القادمة (الجلسة رقم 153) عُيّنت ليوم 23.12.2020 بعيدًا عن أولاده خليل، عاصم، عمرو، ريتال وفارس!

تبادلنا الحديث فجاء مثقّفًا لأبعد الحدود، يؤلمه حال غزّة وأهلها، رفض كلّ المحاولات لابتزاز اعترافٍ ما لتحريره وصرخ في وجه المحقّقين أن لا مساومة على الحقّ، وحين “فاوضته” القاضية على إطلاق سراحه شريطة أيّ اعتراف رفض تلك المساومة البائسة التي هدفها تبييض صفحة ووجه الاحتلال وأجهزة مخابراته. 

يؤمن محمد أنّ اعتقاله ومحاكمته هدفها وأد العمل الإنساني ووقف المساعدات الدوليّة التي تشكّل الرئة الوحيدة لتنفّسهم. 

تحدّثنا عن “حديث الأسرى” في البوسطة والمعابر، عن التعذيب والتنكيل المتواصل، رحلات “البوسطة المقيتة، فليس صدفة أن غالبيّة جلسات المحكمة يوم الخميس أو الأحد لزيادة تعذيبه لتستمر كلّ رحلة في طريق الآلام 4-5 أيام، ناهيك عن تلك الرحلات “البوسطيّة” الإكسترا، عشرات المرّات بالغلط!

حدّثني عن الألم في عيون أولاده حين يراهم في وقفة احتجاجيّة هنا وهناك، ممّا يزيده إصرارًا وأملًا.

افترقنا قائلًا: “أنا مش رامبو”! فقط قضيّة إنسانيّة، لا غير.

لك عزيزي محمد أحلى التحيّات، على أمل باحتضان ريتالك وإخوتها قريبًا،  والحريّة لك ولجميع أسرى الحريّة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى