أدب

رسالة اليمامة لقمة اليمامة

شعر: عبدالناصر العبيدي

ما للأشاوسِ فــي اللذَّاتِ قد مَكثوا
وفــي حِمَانا يَــعيثُ الــقملُ والعُثَثُ

إلـــى مــتى وضِــباعُ الــليلِ تــنهشُنا
ونــحنُ نَــنْظُرُ حــتى يَــنضَجَ الحدَثُ

مــالي أراكــمْ وجــساسٌ غدا أمــلاً
بــهِ جميعُ كــبارِ الــقومِ قد شَــبِثُوا

نَــمْ يــا كــليبُ فــما فــي تغلبٍ رجلٌ
عــنْ أخــذِ ثــأرِكَ كلُّّ القومِ قدْ رَبَثُوا

ففي الــمنامةِ رهــطٌ قيلَ منْ عَرَبٍ
لم يبقَ في ضَرْعِنا مِنْ حَلْبِهمْ رَمَثُ

بِــضعٌ وعــشرونَ والأهــواءُ ظاهرةٌ
فــي كــلِّ أمــرٍ تفانى القومُ وارْتَبَثُوا

عنهمْ نــأى ثُــلثٌ يــهوى صــهاينةً
وللأعاجمِ يــسعى دائــمــاً ثُــلُــثُ

بــاقــي الــجماعةِ لا قَــولٌ ولا عــملٌ
الــنــومُ يــغــلبُهُمْ قــد مــازَهُمْ خَــوَثُ

ألــقابُهم لــمْ نَــعدْ نَــحصِي لها عدداً
أقَــلُّــها رُسـاً لــلــناسِ قــد بُــعِثُوا

أو نِــصْفُ آلهةٍ في الأرضِ موطنُهمْ
مــن قــبلِ آدمَ تِلكَ الأرضَ قد ورثوا

هَــمُّ الــرَّعَايا بَــعِيدٌ عــن تَــصوُّرِهمْ
الحُكمُ يَــشْــغَلُهُمْ والــمَالُ والــرَّفَثُ

ندينُ نــشجبُ أقــوى ما سنسمعُهُ
إلى مــتى يَــستَمِرُّ الــهَرْجُ والــعَبَثُ

لقد قُــتِلنَا ومــا اهــتزَّتْ شــواربُهُمْ
بــلً خَــلْفَ قــاتِلِنَا منْ رَكضِهمْ لهَثُوا

فكمْ سَــلَكْنَا بِــحَاراً سَــهلُهَا خَــطِرٌ
وخــانَــنَا الــرِّيحُ والــملاحُ والــرَّمَثُ

في غـزَّةِ الــعزِّ إخــوانٌ لهمْ ظُلِموا
الــموتُ يــحصدُهمْ والــفقرُ والغَرَثُ

أطفالُ غــزَّةِ مِــثلُ الــغَرْسِ قد ذَبُلُوا
هلْ مــرَّ بــالجوعِ فــردٌ مُتْخَمٌ فَرِثُ

ونسوةٌ فـــي خــيامِ الــذُّلِّ لاجِــئَةٌ
قدْ بــاتَ يــطعنُ فــيها التافهُ الخَنِثُ

يــاغزةَ الــعزِّ لا تَــشْكي لَــهُمْ ألــماً
لنْ يسمعَ الصوتَ جِسمٌ ماتَ أو جَدَثُ

كمْ حُرَّةٍ صَرَخَتْ في سجنِ مُغْتَصبٍ
لمْ يسألوا أبــداً عــنها ولا اكــترثوا

لو أنَّ عــاهرةً فــي الليلِ قد سَقَطَتْ
هَبُّوا لــنجدتِها فــي الــحالِ مــالَبِثُوا

هلِ الــعُرُوبَةُ أمستْ مَحضَ عاجزةٍ
قــد بــاتَ يــكْلؤُها الأخــيَافُ والرِثَثُ

كـمْ أقـسـموا أنَّــهم يــحمونَهَا بِــدَمٍ
لكـنّـهمْ بــيــمينِ اللهِ قـــد حَــنِــثوا

كـأنَّـهمْ خُــشُبٌ مــاتتْ ضمائرُهمْ
لمْ يَــستجبْ سمجٌ مِــنهُمْ ولا دَمِثُ

مَنْ يَــأْمَلِ السِّلمَ من صهيونَ معتقداً
بــأنَّهمْ عنْ حلولِ الـسلمِ قدْ بَحثوا

فعقلُهُ دونَ شكٍ فــيــهِ عَــائــقةٌ
فمـا يصدِّقُ إلاّ الـهُــبْلُ والــلُّوَثُ

الـسعيُ للفتنةِ الــبلهاءِ غــايتُهُمْ
فكلَّمَا أُطْفِــئَتْ نــارٌ لــها حَرَثُوا

اللٌّؤْمُ شيمتهمْ و الــغدرُ دَيــدَنُهُمْ
و كلَّمَا عــاهدُوا عــهداً بــهِ نَــكثُوا

إنْ قــالَ مــنهمْ كَذوبٌ قــدْ نُــصَدِّقُهُ
إنْ لــلعجائزِ عــادَ الــحيضُ والطمثُ

إن تَــذْكُرِ الفُرْسَ تُصْبِحْ خائناً دَنِساً
عِندَ الذِّيُولِ التي مِنْ ضَرْعِهِمْ رَغَثُوا

لاتــأمنوا الفرسَ فالأطماعُ حاضرةٌ
تَــغَلْغَلُوا في بــلادِ الــعُرْبِ وانْفَرَثُوا

لاتأمنوا الــفرسَ فــالأحوازُ تُخْبِرُنَا
على جرائمِهِمْ قــد تَــشْهَدُ الــجُثَثُ

مِــنْ ألفِ عامٍ نُــعاني مِنْ سَفَالَتِهِمْ
الحقدُ يــسكنُهُمْ والغلُّ و الــدَّعَثُ

لا تــأمنوا الــغربَ فــالتارحُ يُــخبِرُنا
هُمُ الذينَ لهذا الــسُّمَ قــد نَــفَثُوا

يــا قــومُ نــطلبُ أحــلاماً مُــزَرْكَشَةً
أمَّـــا الــحــياةُ فــفيها الــبُرُّ والــغَلَثُ

مَــنْ ظَــنَّ إنِّــي بقولي كنتُ أقصدُهُ
كــانَ اعــترافاً صــريحاً أنَّــهُ الخَبَثُ

المفردات
———
رَبَثَهُ عَنْ حَاجَتِهِ : حَبَسَهُ، مَنَعَهُ، صَرَفَهُ عَنْهَا
الرَّمَثُ (1):بقيَّةُ اللَّبَن في الضِّرع بعد الحَلْب
ارْتَبَثَ القومُ: تَقَرّقوا
الرَّمَثُ (2): الطَّوْفُ، وهو خَشبٌ يُشَدُّ بَعضُه إلى بعض ويُرْكَبُ في البحر
الغَرَثُ: أَيْسَرُ الجوع؛ وقيل: شِدَّتُه
الفَرِثُ : الشَّبْعان
رِثَث : جمع رِثّة الرِّثَّةُ :سَفِلة الناس وضعفاؤهم
اللُّوثُ جمع الأَلْوث، وهو الأَحمق الجبان
الدَّعَثُ : الدَّعْثُ : الحِقْدُ. والمطلبُ.والثأرُ.
الغَلَثُ : الترابُ المتلبدُ والحَبُّ الأَسودُ يخالطُ البُرَّ ونحوَه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى