دُروبُ الهَوى والنُّهى
علي موللا نعسان | سوريا – النرويج
لَمَعَ السِّراجُ فَضَاءَ فيهِ المَوْكِبُ
وَصَفا البَريقُ فَبَانَ وَجْدٌ يَرْقُبُ
///
وَزَهَتْ عُيونُ البَدْرِ تَقْتاتُ الهَوى
مِغْناجَةً بِسهامِ لَحْظٍ تَجذِبُ
///
وَعَلى الشِّفاهِ بُخورُ عِطْرٍ تُضْفي
روحَ الجَمالِ لِلَهْفِ فِكْرٍ يَعْقُب
///
هَيْفَاءُ هامَ بِهَا الفؤادُ بِلَوعةٍ
دُونَ الرُّؤى وترَنُّمِ الهَوى تَسْتَعْتِبُ
///
تَرْنو بِأنبلَ خافقٍ نَحْو المَدى
مِنْ مُهجةٍ تنْسابُ فيما تُعْرِبُ
///
وسَمَتْ عَلى أجْفانِها عبَقَ النُّهى
فَتَلَبَّدَتْ أشْواقُ قَلْبٍ لا تَنْضُبُ
///
جاسَ الوُشاةُ على عَراها المُجْتَبى
في مَحْفِلٍ يَحْشو الكلامَ ويَطْنِبُ
///
نَطَقَ اللِّسانُ بِبَوْحِ قَلْبٍ يَرْتَوي
فَجَرى الحَديثُ وَما هُناكَ الأَطْيَبُ
///
قالَتْ تَمي: نَبْعُ القَصيدِ روى الصَّبا
فَاعْزِفْ عَلى القيثارِ لَحْناً يَخْلُبُ
///
لُبَّ الجَوى فالسَّمْعُ والأَحْداقُ في
عِبَرِ الومى تسْعى إِلى ما يُطْرِبُ
///
فالقَلْبُ بِالإحساسِ يَغْدو مُثْمِراً
كالشِّعْرِ للعُشَّاقِ وَرْسٌ يَصْحَبُ
///
والوجدُ قدْ أذْكى النُّهى في بَوْحِهِ
عَبْرَ المَدى صَبْراً رَواهُ المَطْلبُ
///
يا شَاعِري شَحَذَ الغَرامُ فُؤادي
وَاغْتالَني فَتَهَلَّلتْ روحي تَصْخَبُ
///
نَغَمٌ سَباني عَبْرَ أصقاعِ البرى
فَتَخَلَّلَ الآمالَ ماراً يَسْحَبُ
///
فَتَنَهَّدَ الخَفَّاقُ يُبْدي وَعْيَهُ
لِتُرابِ حُبٍّ صارَ عزْماً يَشْهَبُ
///
وَترَتَّلَتْ أَلْحانُهُ فَوْقَ الذُّرى
حَتَّى حَباها في النَّواصي مَذْهَبُ
///
الفِكرُ أَصْدَقُ نَفْحَةً مِنْ غادةٍ
وَرَقَتْ فَباتَ حُبورُها لا يُطْنَبُ
///
وَالنَّفْسُ أَسْوَغُ أُلْفَةً مِنْ مُهْجَةٍ
تضفي رِهامَاً في المُروجِ وتَدْأَبُ
///
وَالرُّوحُ أَبْلَغُ قِيمَةً مِنْ مَنْظَرٍ
ما شِئْتُ يَجْذِبُني بنُورٍ يَسْهُبُ
///
لُغَةُ الصَّراحَةِ في العُيونِ بَريئَةٌ
جُعِلَتْ لِمَنْ يَصْحو بِطُهْرٍ يَعْقُبُ
///
وَالَّلحْظُ في جَذْبِ القُلوبِ خَبيرٌ
وَالحُّبُّ أَبْهى السِّحْرَ فيما يَجْلِبُ
///
يا مَنْ يَعِزُّ عَلَيَّ مَلْمَحُكِ المُوَشَّى
ما شَئْتُ غَيْرَ هَواكِ عِزَّاً أَصْحَبُ
///
شَغَفٌ ذَرى بَهْجَتي نَحْوَ الهوى
مُتَلَوِّعاً شَوْقَاً إِلَى ما يَجْذِبُ
///
وَوُرودُ حُسْنِ الوَجْهِ تُزهِرُ بالجنى
فَتَفوحُ أَكْداسَاً بِعِطْرٍ يُسْكَبُ
///
وَشُعاعُ نورٍ مِنْ عُيونِكِ يرتقي
سَرْجَ الجوى نَحْوي بَوَمْضٍ يَخْلُبُ
///
إِنْ كُنْتِ مِنّي لا تَشائينَ الهَوى
فَتَيَقّني أَنَّ السَّواقي تُلْجَبُ
///
فَنَوالُ وَجْدٍ بِالهُدى عِنْدي يَعي
كُلَّ الجَوابِ وَما يَدومُ المَرْقَبُ
///
وَلَئِنْ أَرَدْتِ مَوَدَّتي فَفُؤادي
ما فيهِ غَيْرَ هَواكِ عِشْقٌ يَرْأَبُ
///
قولي الحَقيقةَ دون رَيْبٍ يا تُحفَتي
فهواكِ منْ أقْفى الَّذي أَسْتَوْعِبُ
///
فَرَسَمْتِ بَسْماتٍ عَلى ثَغْرٍ هَدى
سُبُلَ الحديثِ إِلى غَرامٍ يُرْقَبُ
///
وَجَعَلْتِ قَلْبي يَرْتَمي نَحْوَ الهَوى
حَتَّى غَدا مَأْسورَ حُبٍّ يُعْذَبُ
///
وَمَلَكْتِ نَفْساً أَصْبَحَتْ تَتَناجى
مَعَ طيْفِكِ البَرَّاقِ فيما تَرْغَبُ
///
كَيْفَ السُّرورُ يَجيءُ دونَ المرتضى
عَجَبَاً فَهَلْ أَنْتِ الصَّفاءُ المُرْحَبُ
///
يا بَسْمَةَ اليَوْمِ الجَميلِ هَلُمّي
فَأنا المُتَيَّمُ وَأنتِ منْ أَرْغَبُ
///
هَلاَّ سَكَنْتِ الرُّوحَ مِنْ فَرْطِ النَّوى
فَالنُّورُ مِنْ إِيماضِهِ لا يَطْنُبُ
///
هَيَّا تَعَالي وَاتْرُكيني أَسْتقي
مِنْ خَمْرِ وَجْدي نَظْرَةً لا تُحْجَبُ
///
هَيَّا تَعالي وَاتْرُكيني أرتجي
مِنْ ثَغْرِ حُبّكِ رَشْفَةً لا تَهْرُبُ
///
فَتَأَوَّهَتْ وَسَحَابَةُ الآَلامِ قَدْ
أَوْدَتْ بِها سَيلاً بِضيقٍ يَكْرُبُ
///
قالَتْ تمي: أَزْهَيْتَني يا شاعِري
فَاتْرُكْ لِمَوْجِ القَلْبِ شَطَّاً يَطْلُبُ
///
فَأَنا عَهِدْتُكَ صَادِقَاً لا تَصْطَفي
إِلاَّ صَدى حُبُّي بِوَقْعٍ يُعْجَبُ
///
نَغَمٌ تَهادى في الرُّبى يجْني الوفا
وَاِنْسابَ في أُفُقِ الوَرى لا يَغْرْبُ
///
فَتَهَلَّلَ الخَفَّاقُ يَنْعي وَجْدَهُ
وَسَرى جَنانُ الشّعْرِ فيهِ يَشْخُبُ
///
وَغَدا أَنينُ النَّايّ خَيْرَ رِثاءٍ
وَغَدا طُموحُ النَّفْسِ صَوْناً يَصْحَبُ
///
وَغَدا المُغَرِّدُ للنَّعيمِ جُمُوحَ حُبٍّ
في الجَوّ يصْدَحَ وَهْوَ طَلقٌ مُطْرِبُ
///
وَتَمَوّج الأَلْحانِ راحَتْ تَمْتَطي
أَحْلامَ نَفْسٍ قَدْ رَواها المَطْلبُ
///
فَتَراكَضَتْ روحٌ إلى فَيْضِ النُّهى
حَتَّى غَدَتْ بلحَ المُنى إذ تُرْطَبُ
///
ذَهَبَ الخَريفُ بِما لَهُ مِنْ مِحْنَةٍ
وأَتى الرَّبيعُ فَأيْنَ مِنْهُ المَهْرَبُ
///
ضَيْفٌ أَحَلَّ عَليَّ فَلَمْ أَحْفَلْ بِهِ
فَتَلَى شِغافَ الفِكْرِ أَنَّى يَذْهَبُ
///
هَبَّتْ رِياحُ الصَّبْرِ تَشكو عَثْرةً
تقْفو مَشاعِرَ عَاشِقٍ لا يَتْعَبُ
///
يا بُلْبُلاً يَأسى لَواعِجَ أُلْفَةٍ
أَوْصِلْ سَلاماً لِلحَبيبِةِ يَخْصُبُ
///
أَنْشِدْ غِناءً سَابِياً وَتَرَنَّمْ
فَلَصَوْتُكَ العَذْبُ الجَميلُ يُقَرِّبُ
Ali Molla Nasan
Oslo 02-12-2020