عُمان في كتب التفسير والأدب والتاريخ

شيخة الفجرية | كاتبة عمانية
تزخر كتب التراث العربي باسم عُمان، منذ بدأ التدوين، الذي شارك فيه أهل عُمان، لما يملكون من إرث علمي قديم، دوّنوه في مخطوطات متنوعة، فكانت لهم مخطوطات في التفسير، والفقه، والتاريخ، والأدب، والطب، والفلك، والبيئة، وعليه جاء ذكر عُمان في أمهات الكتب العربية مثل: “الأصمعيات”، و”طبقات فحول الشعراء”، و”الشعر والشعراء”، و”العقد الفريد”، و”خزانة الأدب”، و”أساس البلاغة”، و”معجم الأدباء”، و”الجامع لمعمر بن راشد”، و”تفسير الطبري”، و”تفسير الفخر الرازي”، و”الطبقات الكبرى لابن سعد”، و”السيرة النبوية لابن هشام”، و”مسند الإمام أحمد”، و”التاريخ الكبير للبخاري”، و”صحيح مسلم”، و”سنن ابن ماجه”، و”سنن أبي داوود”، و”تأويل مختلف الحديث لابن قتيبة الدينوري”، و”جامع البيان في تأويل القرآن للطبري”، ومجموعة كبيرة من الكتب لا يسع المجال هنا لذكرها.
فقد جاء ذكر عُمان في كتاب “ديوان المبتدأ والخبر في تاريخ العرب والبربر ومن عاصرهم من ذوي الشأن الأكبر” لابن خلدون عبد الرحمن بن محمد بن محمد، يقول فيه: “( عُمان)إقليم سلطاني منفرد على بحر فارس”1،  وابن منظور في لسان العرب قال عنها: “عمان: عمن يعمن، وعمن: أقام. والعمن: المقيمون في مكان. يقال رجل عامن وعمون، ومنه اشتق عمان. أبو عمرو: أعمن دام على المقام بعمان، قال الجوهري: وأعمن صار الى عمان، وأنشد ابن بري:
من معرق أو مشئم أو معمن.
وعمان: اسم كورة، عربية وعمان مخفف، بلد، وأما الذي في الشام فهو عمان بالفتح والتشديد.. وأما بالضم والتخفيف فهو موضع عند البحرين، وله في الحديث. وعمان: مدينة، قال الأزهري: عمان يصرف ولا يصرف، فمن جعله بلدا صرفه في حالتي المعرفة والنكرة، ومن جعله بلدة ألحقه بطلحة.. وقيل: عمان اسم رجل، وبه سمى البلد، وأعمن وعمن أتى عمان، قال العبدي:
فإن تتهموا أنجد خلافا عليكم
وإن تعمنوا مستحقبي الحرب أعرق
 وقال رؤبة:
نوى شأم بان أو معمن”
وقال أيضًا:” جلنداء: ابن دريد: جلنداء اسم ملك عمان، يمد ويقصر، ذكره الأعشى في شعره”2.
وأما في بعض كتب التفسير فقد جاء ذكر عُمان كالآتي:
ـ من كتاب الإبانة للعوتبي3: ” قال خليد العصري: أتينا سلمان الفارسي ليقرئنا القرآن، فقال: إن القرآن عربي فاستقرئوا رجلاً عربياً، فقرأنا على زيد بن صوحان”، ومن لا يعرف زيد بن صوحان فهو من أهل عُمان، فقد جاء ذكره في كتاب الجاحظ مستعرضًا مشاهير أهل عُمان فقال: ” ومن خطباء أهلها المذكورين المشهورين: صعصعة بن صوحان، وزيد، وأخوهما، خطباء مصاقع”.
وجاء في كتاب البحر المحيط لصاحبه أثير الدين الأندلسي عن قوله تعالى: “رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ..؛ قال الفراء: أهل عمان يسمون القاضي، الفاتح. وقال الطبري في تفسيره: ذكر الفرَّاء أنّ أهلَ عُمان يسمون القاضي”الفاتح” و”الفتّاح”. وقال الفخر الرازي في تفسيره بمثل ما قال الطبري، إلا أنه زاد: “… لأنه يفتح مواضع الحق”.
– “يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَمَّا أَحَدُكُمَا فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْراً وَأَمَّا الآخَرُ فَيُصْلَبُ فَتَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْ رَأْسِهِ قُضِيَ الأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيَانِ (41)” [يوسف]
قال البغوي في تفسيره للخمر: “اسم للعنب بلغة أهل عُمان”. وكذلك، ورد في تفسير الطبري فقال: “… (إني أراني أعصر خمراً)، يقول: أعصر عنباً، وهو بلغة أهل عُمان، يسمون العنب خمراً”.
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ في كتابه الدر المنثور:  “وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن الضحاك رضي الله عنه في قوله {إني أراني أعصر خمراً} يقول: أعصر عنباً، وهو بلغة أهل عُمان يسمون العنب خمرا”4.
وبمثله، جاء في تفسير العز بن عبد السلام، وقال الثعالبي أيضاً: هي لغة أزد عُمان.
– “وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالأَحْقَافِ وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ أَلا تَعْبُدُوا إِلا اللَّهَ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (21)” [الأحقاف]
قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ): “… وقال ابن عبّاس: الأحقاف؛ واديان عُماني ومهرة”. وكذا قال الطبري: “الأحقاف: الرّمل الّذي يكون كهيئة الجبل تدعوه العرب (الحقف)، ولا يكون أحقافاً إلاّ من الرّمل… وجائزٌ أن يكون ذلك جبلاً بالشّأم وجائزٌ أن يكون وادياً بين عمان وحضرموت…”.
– “بَلْ ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَنْقَلِبَ الرَّسُولُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلَى أَهْلِيهِمْ أَبَداً وَزُيِّنَ ذَلِكَ فِي قُلُوبِكُمْ وَظَنَنْتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ وَكُنْتُمْ قَوْماً بُوراً (12)” [الفتح]
يقول ابن كثير في تفسيره لكلمة (بوراً): “أي: هلكى. قاله ابن عباس، ومجاهد، وغير واحد. وقال قتادة: فاسدين. وقيل: هي بلغة عُمان”.
في الجاهلية، هاجر قيس بن زهير إلى عُمان؛ فقال ابن الأثير في كتابه «الكامل في التاريخ» عن ذلك قائلًا:” وقيل: إن قيس بن زهير لم يسر مع عبس إلى ذبيان وقال: لا تراني غطفانيةٌ أبداً وقد قتلت أخاها أو زوجها أو ولدها أو ابن عمها، ولكني سأتوب إلى ربي، فتنصر وساح في الأرض حتى انتهى إلى عُمان فترهب بها زماناً، فلقيه حوج بن مالك العبدي فعرفه فقتله وقال: لا رحمني الله إن رحمتك”.
يقول مهيار الديلمي مادحًا ملك عُمان في القرن 4 الهجري؛ واسمه أبا القاسم مؤيد الدولة:
ورأت عُـمـانُ وأهلُها بك ما
أغنى الفقيرَ وأمّنَ المثري
صـارت بـجـودك وهـي موحشةٌ
أُنـسَ الوفـودِ وقِبلةَ السَّفْرِ
وعليه؛ قام فرع النادي الثقافي في محافظة مسندم باستضافة الدكتور سالم بن مسعود الصوافي المحاضر في اللغويات، الذي تحدث في موضوع “عُمان في كتب التفسير والشعر والأدب والتاريخ”، وأدارت المحاضرة، مكية بنت حسن بن محمد الكمزارية.
جاءت المحاضرة في عدّة محاور أهمها مقولة البوكيرك “لو كان العالم خاتما لكانت جوهرته هرمز”، كما عرض المحاضر الصوافي ما جاء في موسوعة الدكتور هلال الحجري في عرضه لمجلداته التي تحدثت عن عُمان.
وأصبحنا بهذه الكتب والموسوعات العلمية التي تخص الوجود العماني عبر التاريخ، معبرًا عن وجوها صانعة أو مشاركة في صنع الأحداث اليومية.
المصادر:
1ـ مقدمة ابن خلدون ج4 ص119_120.
2ـ لسان العرب لابن منظور.
3ـ الإبانة
4ـ[الدر المنثور: 8/251]
 
 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى