صحفي في الفضاء
رزق البرمبالي | قاص من مصر
حكاية صديقي الصحفي في نهاية الألفية التاسعة عشرة
تنقل بين عده صحف ومجلات، بحثاً عن فرصة ينطلق منها نجمه إلى عنان السماء،
فوجده مغناطيسي وبلا جناحين، مما يجعله رابضا فوق الأرض قابعاً في مكانه، يسحبه إلى السجن بين الفينة والآخرى،
مره سُجن لأنه كتب مقالاً هاجم فيه معارض معروف ظناً منه أنه بهذا يخدم النظام، الذي يأمل أن ينظر إليه نظرة عطف في يوم ما، فوجد نفسه خلف أسوار السجن لمدة ستة أشهر في قضية سب وقذف ذاك المعارض، واكتشف فيما بعد أن هذا المعارض يعمل مع النظام، وبأمر منه حتى يظهر النظام أمام العَالم أن لديه ديمقراطية!
وأن معارضيه يتنفسون بحريه خارج أسوار السجن!
وسُجن مره أخرى لكتابة مقال تطرق فيه إلى رجل أعمال تهرب من الجمارك والضرائب، مما تسبب ذلك في ضياع مليارات على الدولة، واكتشف أن وراء هذا الرجل وزراء ورجال دولة،
أما المرة الثالثة الذي عاد فيها إلى نفس الزنزانة هي كلمته الرنانة في أحد اجتماعات الجريدة عن مافيا تجارة الأثار وذكر بعضاً منهم، وتعامي الدولة عنهم، ليعلم فيما بعد أن وراء تلك المافيا أسماء لا يستطيع لسانه البوح بها حتى بينه وبين نفسه،
بعدها تعلم الدرس جيدا، فوضع لسانه داخل فمه، وسجن قلمه داخل درج مكتبه،
لم يطق ذلك الوضع طويلاً، دخل في مرحلة اكتئاب، اعتزل الناس وتقوقع داخل منزلة، وفقد الأمل في سطوع نجمه في يوم من الأيام،
زاره صديقه وعرض عليه عرضاً ليخرج من سجنه الذي فرضه على نفسه، وبه يبطل فعل مغناطيس نجمه، وينمو ريش جناحيه، ويحلق بهما عالياً إلى الفضاء،
رد عليه قائلاً: لا أريد الرجوع للسجن مرة أخرى!
قال ضاحكاً: هذا العرض سيجعلك محبوباً من النظام ومن صُناع القرار، سيجعل منك نجماً لامعاً في المحطات التلفزيونية الفضائية منها والأرضية،
كان يستمع إليه بإنصات وشوق شديدين،
ثم قال بلهفة: لقد أتعبتني أكثر، هات ما عندك بسرعة!
- الموضوع أبسط مما تتصور، ما عليك سوى اختيار شخصية إسلامية هامة من السلف، وإقدح فيها كما تشاء!
- ولكن……
قاطعه قائلاً: ولكن عليك أن تبدأ فوراً، سَيسُبك معظم الناس وسيحبك من بيدهم الأمر والنهي، سيتصالحون معك وسيقربونك، وبعدها ستصبح نجم الصحافة والفضائيات!
كان العرض الذي قدمه له صديقه، هو العصا السحرية التي حققت له أحلامه بسرعة البرق، فما إن صدر مقاله رقم واحد، حتى تَصَدرَ اسمه في اليوم التالي مانشيتات الصحف الرئيسية، ودُعي إلى الفضائيات ليرد على منتقديه، ورُفَع عليه مئات القضايا من الإسلامين،
من قبل كانت قضية واحده كفيلة بإلقائة في غياهب السجن،
اليوم تم حفظ القضايا المرفوعة ضده، وعين رئيس تحرير لصحيفة من كُبريات الصحف في البلاد، وعما قريب سيصبح رئيس مجلس إدارتها.