حديث الماء
شعر: عبد العزيز الهمّامي
تَـنُـوءُ بِـكَ الأَسْـوَارُ وَالبَابُ مُقْـفَـلُ
وَكَمْ مِـنْ غِيَابٍ عَـنْ غِـيَابِكَ يَـسْأَلُ
///
كَأَنَّـكَ فِـي جِنْحِ البَيَاضِ فَــرَاشَـةً
وَمِنْ كُلِّ ثُـقْـبٍ لِلْخَطِيـئَـةِ تَـدْخُـلُ
///
وَذَا صُبْحُـكَ المَـائِـيُّ يَـفْــقِـــدُ ظِـلَّـهُ
فَمِنْ أَيْنَ يَأْتِي العُشْبُ وَالنَّهْرُ يَرْحَلُ
///
أَطِيـرُ اِلَى أَقْـصَى المَجَـازِ كَـعَــاشِـقٍ
يُمَـشِّـطُ رِيــحَ المُـفْــرَدَاتِ وَ يَـغْــزِلُ
///
وَيَـنْـزِفُ نَـاىٌ فـِي مَسَامَاتِ أَحْرُفِي
وَيَخْضَلُّ صَـوْتِي وَ الفَـضَاءُ مُكَـبَّـلُ
///
وَلِي مِنْ تَبَارِيحِ المَدَى حُلْـمُ نَـجْـمَةٍ
وَكَـوْنٌ بِـأَنْــوَارِ النُّــبُــوءَةِ يَـرْفُــلُ
///
وَلِي مِنْ وِشَاحِ الأَرْضِ أَطْلاَلُ خَيْمَةٍ
وَفِـي العَـيْـنِ تَارِيـخٌ يَـجِـفُّ وَيَـذْبُـلُ
///
لَـهُ سِـيـرَة ُالأَحْـجَـارِ مُـنْـذُ تَـرَمّـلَـتْ
وَلَـيْـلٌ لَهُ فِـي مَـرْفـاِ العُـمْــرِ مَـنْـزِلُ
///
تُـشَرِّدُنِي الأَوْطَـانُ خـلـف سِـيَـاجِـهَـا
ولكـنّ أمـطاري على الكَـوْنِ تـهـطـلُ
///
وَمَازِلْتُ فِـي رِيـشِ الطُّفُــولَةِ حَـالِـمًا
عَلَى الكَفِّ أَزْهَارٌ وَفِي القَـلْبِ جَـدْوَلُ
///
وَعِشْـقُ المَجَـرَّاتِ البَـعِـيـدَةِ دَهْـشَتِي
واَخِـــرُ أَحْـلاَمِي مِـنَ الضَّــوْءِ تَـنْهَـلُ
///
فَمَا مَرَّ طَـيْـفٌ مِـنْ نَـوَافِـذِ وِحْـشَتِي
وَلاَ عَـبَـرَتْ طِـيـنَ الخَـلِـيـقَـةِ أَرْجُـلُ
///
وَمِلْحُ الحِكَايَـاتِ الغَـرِيـبَـةِ فِـي دَمِي
وَفِـي قَـبْـضَةِ الأَيَّـامِ سَـيْـفٌ وَمِعْـوَلُ
///
وَلَـمْ يَـبْـلُـغِ الخَـيَّــالُ وَاحَــةَ أَهْـلِـهِ
فَـكُـلُّ طَـرِيــقٍ بِالتَّـضَارِيـسِ مُـثْـقَـلُ
///
وَطَعْمُ الصَّـدَى حَـوْلِي يُرَقِّـطُ مُهْجَتِي
فَلاَ شَيْـئَ يُـغْـرِي وَ الرَّبِـيــعُ مُـؤَجَّــلُ
///
وَمُـزْدَحِــمٌ أُفْـــقِــي بِأَلْـفِ غَـمَـامَــةٍ
يَهِـيــمُ بِهَـا ظَـمْـاَنُـهَـا وَهْـيَ تَــنْــزِلُ
///
وَأَطْوِي الفَيَافِي حَامِلاً عَـرْشَ غُرْبَتِي
يُسَـيِّجُـنِي عِشْـقٌ مِنَ الأَمْــسِ مُـذْهِـلُ
///
لَعَــلَّ قَمِـيـصَ الغَـيْــبِ يُخْـفِي وَرَاءَهُ
غَـدًا سَـرْمَـدِيَّ الهَــوَى لـيْـسَ يَأْفَـلُ
///
تَوَحَّـدْتُ فِـي ذَاتِـي وَأَصْـبَـحْــتُ أُمَّــة
عَلَى كَـتِـفِـي أَثْـقَـالَـهَـا صِـرْتُ أَحْمِـلُ
///
وَعِـنْـدَ سِـبَـاقِ الحُــبِّ أَغْـدُو مُـتَـوَّجًـا
وَقَـلْبِـي عَـلَـى دَرْبِ المَـحَــبَّــةِ أَوّلُ
///
اِذَا مَا تـَخَـيَّـلْـتُ الحَـيَــاةَ مُـضِيـئَـةً
فَشَمْسُ المُنَـى فَـوْقَ الطَّبِـيـعَـةِ أَجْمَل