رسالة حب للحياة
أحمد برقاوي | شاعر وأكاديمي فلسطيني
حبيبتي أيتها الحياة
أحبك
لا كما أحب أمي
لن أقبل يديك في الصباح عرفاناً
ولن أركع عند قدميك
امتثالاً لأمر الإله
ولن أحتفل بيومك السنوي المألوف
أحبك ناهراً
غاضباً
متأففاً
متطلباً
مراهقاً تفجر الآن
في شراينه شبق الروح والجسد
هوىً لآنسة صعقتني حتى الجنون.
أحبك مولودة من يدي
من قلبي وعقلي
أحبك كما أريد لك أن تكوني
لم أتطفل عليك حارساً خزينة
لأيام عمري السوداء
ولا سائراً وراء أوهام التحوت
ولا مقيماً في شرنقة المألوف
ولا غارقاً في سبخة الإبتذال.
أحبك يا حبيبتي
رافعا سبابتي في وجه
السادي الذي يسيل لعابه أمام وجبة للقتل
في وجه جدار يحول بين قلبين
في وجه الشاهر سيفاً باسم الإله
والأنوك الخائف من شعلة العقل
عدو اللاء وعاشق النعم الخرساء.
أحبك يا حبيبتي
رحلة في غابات الماوراء
مغامراً يسعد بالمصادفات
وأخاف علىيها من موت يرتدي ثوب الحياة
وأسعى وراء سناءات تحرس عشاقها من السموم..
أحبك أيتها الحياة
مقيماً في قلبك
تائهاً في متاهاتك
آنفاً من المرور بجوارك
باذراً حبوب الفنون في حقولك
رافعاً أعلام القصائد على قممك
مرفرفاً عقلاً جناحاً في فضائك.
أحبك يا حبيتي
عرس فرح بالحرية
ملّاكاً وحيداً للريح والمطر
والفصول وروابي الربيع
وأعياد تموز
وبساتين اللغة.
أحبك
شفوقاً على كارهك
راثياً من صعروا خدودهم لك
ومن صموا أسماعهم لنداءاتك
أحتض شجرك أخضر عاشقاً
أو يابسا مودعاً
يسحرني طفل يمد يده ليلتقط الشمس
والقمر
ويمزق كبدي صعوده إلى السماء.
أحبك أيته الحياة
لا طمعاً في جنة
ولا خوفا من نار
أسافر على الفكر البراق
لأسقي شجر الأمل.
أحبك
نسيماً وريحاً وعاصفة وصواعق شتى
شجاعة جلجامش
وفاء إنكيدو
مجون ذو الشرى
سخرية لقيانوس
وعقل المعري.
أحبك أيتها الحياة
كائناً من لهب.