الوجه الأخر.. قصة

محمد حسين | كاتب فلسطيني – دمشق

الشمسُ تتوثبُ لملاحقةِ جباههم المتعبة، تبصمُ على جلودهِم خطوطاً حمراءَ، بائعي البسطات في الحي يهربون منها إلى زوايا الشوارعِ الضيقة، أصحابُ المحالِ التجاريةِ يبتهجونَ فرحاً لأن أشعةَ الشمسِ تخلصهم من هؤلاء ، كانوا يعتقدون أنهم يضاربون عليهم في البيع،
الحاجُ فريد صاحبُ الطربوشِ الأحمر كما كان يحب ان يسّميهِ سكانُ الحي رغمَ أنه لم يزرْ الديارَ المقدسة في حياته، ورثَ عن والدهِ معملاً كبيراً لصناعةِ الأجبان والألبان ، بقيَ مصدرُ إنشاءِ هذا المعمل لغزاً يحيرُ أهلَ الحيِّ لأن والدَه لم يكنْ يملكُ شيئا ، لقد اعطته هذه الثروة كلمة على سكان الحي إضافة لبعض الهبات التي كان يتفضل بها عليهم ، لم يُكملْ تعليمه الابتدائي ويكادُ أن يفكَ الخط ، كانَ يرتدي طربوشَه الأحمر ويسيرُ في عربتهِ وينظرُ إلى المارةِ من خلفِ الزجاج ، الكلُ يتدافعُ من أجلِ مصافحتهِ عندما يترجلُ من عربته، كان يرتاد مقهى العدالة باستمرار( لأنه يعشق العدالة كثيراً) .
في أحدِ الأيام عندَ الظهيرةِ دخلَ الحاجُ المقهى فتقدم منه صاحبُ إحدى المحالِ واشتكى من بائعي البسطات فأرسلَ الحاجُ فريد ولداً ليخبرهم بضرورةِ مغادرة الأرصفةِ والتجمعِ في مكانٍ حدده هو، نْفذَ الأمرُ فورا إلا بائعا واحداً رفضَ فاحضره رجالُ فريد وقامَ بجلدهِ على مرأى ومسمعِ من جميع الناس دونَ أن يتدخلَ أحدٌ، فطلب البائع الصفح والمغفرة وقبل يدي فريد وغادر المدينة كلها.(لا أريد أن أبقى في حي يحكمه الدجال فريد )
تابع الحاج احتساء الشاي فرأى امرأةً جميلةً تقطعُ الشارعَ، صرخ على النادلِ الذي هرع اليه مسرعاً ومعه صاحب المقهى، تقدما منه: أمرك يا حاج؛
سألهم :من هذه المرأه ؟
صاحب المقهى: هذة زوجة سعيد يا حاج فريد، إنه فقيرٌ جدا ويعملُ عتالاُ، هل لديك له شغل يا حاج في معملك ؟!
يمسد الحج فريد شاربيه … أجل .
صاحب المقهى: سأذهب وأخبره أنك تكرمت عليه بعمل عندك.
الحج فريد: أطلب منه ان يحضر غدا هو وزوجته.
في صباحِ اليومِ التالي يذهبُ سعيد إلى معمل الحج فريد، يقبلُ يده ويدعوا عليها بالكسر في سرِه.
الحج فريد: ستعمل أنت وزوجك عندي في المعمل بشكل دائم ليل نهار.
سعيد:أنا اعمل لكن لماذا زوجتي ؟
-أنت لا تفهم ماذا تقول يا ولد !
اسف يا حاج فريد.. حاضر .
بدأ العملُ في المعمل وبدأت أماني زوجةُ سعيد تتعرضُ للتحرش من صاحبِ الطربوشِ الأحمر، لكنها كانت تسكتُ للحفاظِ على رزقهم ، بعد فترة يطلبُ الحاجُ فريد من أماني تركَ زوجها وإلا سيودعهُ السجنَ بتهمةِ السرقة .
أماني : يا حاج أنا امرأةٌ فقيرة ومن أسرةٍ فقيرة وأنتَ رجلٌ لكَ سمعتك ومركزك اتركني مع زوجي اعتني بأولادي.
الحاج فريد: اخرسي أنا أريد ان اتزوجك زواجاً عرفياً بورقة جانبية وإلا….
أماني: حاضر يا حاج، المهم ألا تؤذي زوجي وأولادي….
تذهبُ أماني إلى البيت وتطلبُ الطلاقَ من زوجها وهى تذرفُ الدموع..
سعيد: لماذا هل أسأتُ لكِ في شيء ؟ لا لا أنت أجمل زوج لكن أريد ان تبقى أنت وأولادي بخير..
سعيد: لم افهم شيئاً ..
_ سياتي يوم وتفهمُ كلَ شيء وتقدرُ موقفي… يستجيبُ لرغبتها وتنفصل عن زوجها.
_ سيأتي يومٌ وانتقمُ من هذا الواقع الذي أوصلَ البعض إلى درجةِ التحكمِ بأموالِ وأعراضِ الناس، حدثت أماني نفسها، بعد أن حصلَ فريد عليها قامَ بتمزيق الورقةَ التي كتبها، وقدمها لرجلِ أعمالٍ على أنها مسؤولةَ قسمِ التسويق في الشركة وطلبَ منها الاهتمامَ بالرجل، وأصبحت تتنقلُ من رجلِ أعمالٍ إلى آخر حتى يعقد الحاج صفقاتهِ التجارية من خلالها.
تمرُ الأيامُ والسنين وتصبحُ أماني من سيداتِ الأعمال تملكُ ثروةًكبيرةً، من خلالِ علاقتها برجلِ أعمال ، يعرض رجل الأعمال الزواج من أماني توافق لكن بشرط ،
رجل الأعمال: أنا جاهز لأي شيء تطلبينه..
أماني؛ أريد منك أن نقوم بمضاربه على معمل فريد بحيث تجعله يخسر كل ثرورة ، يوافق رجل الأعمال ويبدأ بتخفيض أسعار منتوجاته من الحليب ومشتقاته، يقرر فريد خفض اسعارة يستمر الحال هكذا إلى أن وصل فريد لحالة الإفلاس الكامل، تذهب أماني لزيارة فريد في بيته المتواضع تعرض عليه العمل عندها والزواج منها لكن بشرط ان يترك زوجته يوافق على الفور.
أماني؛ متوقعه موافقتك لأنكَ مجرد من أي ضمير سأدعكَ هكذا تموت بشكل بطيء.. سأبذل كل جهودي لحماية النساء من أمثالك الذين يضعون طرابيش مزيفة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى