الكاميرات لا تكشف المكشوف: أجهزة الدولة تعرف خفايا الجريمة وهي متورطة
أمير مخول | فلسطين
معادلتنا ليست: إما جريمة وإما شاباك
مطالبة رئيس حكومة اسرائيل بتوفير ميزانية ضخمة جدا لتثبيت كاميرات في البلدات العربية هو مطلب اشكالي للغاية. أفهم موقف رؤساء السلطات المحلية بإلحاحية مسألة الأمان الاجتماعي والفردي. لكن المسألة مع الدولة مصدرها تقاعس الدولة وانظمتها وتورطها. وأناشد وفد السلطات المحلية العربية عدم طرح هذا “المطلب” على رئيس الحكومة الاسرائيلية، ويتراجعوا عنه.
لنتخيل بلداتنا مع كاميرات لاستخبارات الشرطة او للشاباك، فالوحيدين الذين يدركون كيفية التلاعب مع الكاميرات هم الجريمة المنظمة، ولذلك لن تراقبهم، لكن الكاميرات سيجري استخدامها بالتأكيد في مراقبة حركة الناس وخصوصياتها والتحركات السياسية والتنصت العلني للخطب في المساجد والكنائس والمظاهرات والمواجهات في حالات هدم البيوت وغيرها. اي ستتحول الى اداة رقابة وملاحقة سياسية بامتياز. مع الوقت سيكون لها أثر نفسي لدى الناس بأنها تحت الرقابة المباشرة وسطوة الاستخبارات، وسوف تشكل اداة ضبط اجتماعي حتى ولو كانت مغلقة (لنتذكر كاميرات رصد السرعة في الشوارع الرئيسية).
الدعوة الى الاستعانة بالشاباك للتدخل هي مصيدة، ويبدو ان الجهاز معني فيها لأسبابه ودوافعه ومخططاته. لذلك كما دائما فقد اطلقتها اعلاميا قيادات سابقة للجهاز، وبدأ التداول بها وكأنها مطلب شعبي.
ان موقف مبادرات ابراهيم الداعي الى اعتماد الفكرة والذي يدافع عنه الاخ والصديق ثابت ابو راس (راديو الشمس اليوم 24/1) هو موقف خطير كونه اخذ منحى مقترح للتبني من قبل هيئات جماهير شعبنا. واطلب من الاخ ثابت التراجع تماما عن هذا الموقف. والمحاججة بانه مقترح لا تستوي. فالمقترح بهذا الشكل هو موقف وهدفه التأثير ونيل القبول الواسع، وعمليا تغيير نمط التعامل مع امور تقع في جوهر وضعيتنا الجماعية، كما وهذا ايضا موضوع اشكالي، هناك فرق بين تنظيم (لا اشخاص) يحمل هوية فلسطينية وجزء من مؤسسات المجتمع، وتنظيم يحمل هوية من خارج المجتمع سواء بشقّه اليهودي الامريكي ام الاسرائيلي.
ان جماهير شعبنا لها مرجعياتها وعلى رأسها لجنة المتابعة العليا، ولديها موقف واضح بأن الدولة متورطة، وبأن السلاح متاح تماما وتحت اعين المنظومة الحاكمة وتسميته “غير مرخص” هي لغسل اياديها من المسؤولية عن الجريمة المنظمة. الدولة هي المطالبة بالقضاء على الجريمة المنظمة، وان القناعة هي نقل حلبة مواجهة الجريمة الى الحيز العام الاسرائيلي كما حدث ويحدث.