ومضات الصاحب الباهرة في حضرة المتميزين والجبابرة (13)

محمد زحايكة | القدس

 

رانيا إلياس خوري .. قصة من التحدي ومحاربة الظلام

تجسد رانيا الياس خوري حالة نموذجية للمرأة الفلسطينية المقدسية المتميزة في العطاء والإنجاز وخدمة مجتمعها  المقدسي  في الحقل الثقافي والفني.. فهي عبارة عن نسمة من روح القدس بأسمائها الشتى.. يبوس، أورسالم،  إيلياء..

ومنذ أن تعرف الصاحب على رانيا وهو يرى فيها شعلة لا تنطفئ من العمل المثابر على طريق بناء  مشروع  ثقافي  وفني رائد ومستنير.. يحمل صفة الاستدامة ويسهم في تكريس وتعزيز الهوية العربية الفلسطينية في وجه محاولات شطبها ومحوها وطمسها من قبل المحتلين.

وتنتهج رانيا إلياس اسلوب عمل حيوي منظم ومخطط له بعيدا عن العشوائية والعفوية من خلال بناء شبكة علاقات واسعة ومتشعبة على مستوى العالم وشبكة أمان إضافة إلى التشبيك مع المؤسسات المحلية لتوزيع الأدوار بصورة تكاملية  وحمل الهم والعبء الثقافي والفني بطابعه الوطني الملتزم وهي تحاذر إلى أبعد الحدود  من الوقوع في فخ التطبيع  وتقاتل هذا التوجه بشراسة للحفاظ على نقاء وطهارة القضية الوطنية المقدسة لشعبنا والتمسك بحقوقه المشروعة في الحرية والاستقلال والسيادة على أرضه التاريخية.

رانيا الياس.. نموذج حقيقي للمرأة الفلسطينية المكافحة التي تشمر عن ساعديها لتجسيد أحلامها وطموحاتها  في إعلاء راية الهوية الثقافية الوطنية للشعب الفلسطيني متحملة الكثير في سبيل هذا الهدف الأسمى.. ولعلنا لا ننسى الليالي الفنية الساهرة  لسنوات طويلة التي كانت تضيء سماء القدس من حاكورة قبور السلاطين وما كانت تضفيه من عنفوان وبهجة  وشموخ مقدسي يطاول  حد السماء.

كما لا يمكن التغاضي عن فعاليات مركز يبوس الثقافي في قلب القدس.. هذا الصرح الأشم الذي كان مشروع حياة رانيا إلياس وزملائها المؤسسين للنهوض بالمشهد الثقافي والفني الفلسطيني على أسس من التراث العريق والأصيل مع الانفتاح الواعي والرصين على ثقافات وفنون العالم  المعاصر في جدلية من التأثير والتأثر والتلاقح الثقافي والفكري بين حضارات وثقافات متنوعة تغني الروح الإنسانية الشاملة.

جابت رانيا الياس العالم في سبيل بناء مشروع ثقافي رائد  ومتميز.. وأذكر أننا كنا في دبي العام  2004  على ما أعتقد  عندما  لاحظنا أن هذه الإنسانة المفعمة بالطاقة والحيوية والنشاط تطير كالنحلة أو الفراشة وتطوف في تلك البلاد بحثا عن شركاء  أو داعمين  لمشروعها الثقافي الرائد الذي غدا الآن أيقونة مقدسية  يشار إليها بالبنان.

رانيا الياس..  نموذج فريد من النساء المقاتلات من أجل رفعة وطنهن وبلدهن ومجتمعهن… إنسانة واعية ومثقفة واثقة من نفسها.. كرست حياتها للحياة العامة وخدمة ثقافة بلدها الذي تعتز به  وتفتخر وتعمل ليل نهار ليغدو في عين الشمس.

كل الاحترام لهذه الإنسانة النشيطة المبدعة التي لا تكل ولا تمل في تشييد صروح الثقافة التي هي درع وحصن الشعوب في حفظ هويتها من الذوبان والضياع. إنها قصة التحدي  وقهر المستحيل ودحر الظلام.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى