ومضات الصاحب الباهرة في حضرة المتميزين والعباهرة (23)
محمد زحايكة | فلسطين
عزام أبو السعود .. مقدسي الهوى.. وإبداع متنوع
بدأ الصاحب بالتعرف على عالم الكاتب عزام أبو السعود من خلال مقاله الأسبوعي في جريدة القدس. وما أثار اهتمام الصاحب بهذه المقالات هو أنها تحمل نكهة خاصة تنم عن كاتب مثقف واسع الاطلاع ويتسم بعقلانية فكرية وموضوعية وصدقية عالية في توصيف الوقائع إلى جانب معرفة الصاحب بأن صاحب جريدة القدس الراحل محمود أبو الزلف في ذلك الوقت، لا يفرد صفحات جريدته إلا لأصحاب الاقلام المتزنة والمتفردة، فكيف إذا كان الحال بأن ” أبو الزلف ” هو المبادر والساعي – كما يعتقد الصاحب – وراء هذا القلم “السعودي” الجريء والمتمكن والمشحون بالعبارات الرشيقة والأفكار السديدة الحرة والرأي الوطني المستقل.
وتمضي الأيام ويتعرف الصاحب شخصيا على عزام أبو السعود وإذا به شخصية ديناميكية متعددة الاهتمامات والمواهب وترتدي عدة قبعات أو طواقي في المجال العام ومجال الثقافة، فإذا به يشغل منصب مدير في الغرفة التجارية الصناعية في القدس، وإذا به كاتب روايات وكاتب مسرحي وباحث في شؤون القدس إضافة إلى اهتمامات بفن العرابسك حيث افتتح متحفا خاصا به في دارته برأس العامود المشرفة على المسجد الأقصى وقبة الصخرة المشرفة وإذا به امتداد حصيف وواعي لوالده الراحل التربوي القدير والعلم المتسامق، توفيق أبو السعود صاحب كتاب التربية الأجمل، مذكرات “ضرب المكانس” كما قيل للصاحب من أكثر من جهة .
وما إن لاحت الفرصة، أمام الصاحب حتى انقض على بعض مؤلفات هذا المبدع مثل روايات حمام العين وسبيريتزما والستيفادور ورواية صبري، لتهيم روح الصاحب مع هذه الروايات الجميلة المكتنزة بتفاصيل الإنسان وروح المكان، فحلقت روح الصاحب المعذبة والقلقة وهامت في دنيا هذه الروايات التي تستلهم روح القدس وناسها على مدى الأزمان .
ومن يحتك بالكاتب والمثقف المقدسي الحر عزام أبو السعود عن قرب، يكتشف إنسانا دمثا خلوقا هادئ الطبع شغوفا بالمعرفة لا يرتوي من النهل من ينابيعها على الدوام .
ويلحظ صاحب الفراسة والنظرة الثاقبة أن شخصية عزام أبو السعود مهمومة بالقدس.. فتكاد تكون القدس هاجسه الأكبر.. فتشعر أنه يحملها في خلجات قلبه وما إن يصيبها مكروه حتى تختلج كل مسامات جسده وتضطرب حناياه و تتهتك ضلوعه.. كيف لا .. وهو من لحمها ودمها .. سار في دروبها وأزقتها وحواريها، وما زال حاملا صليبه، و راسما هلاله، وهاتفا باسم محبوبته القدس وكأنه قيس الذي لوحه الهوى وهي ليلاه الجميلة.. هناك اقتعد متوحدا مع الخالق على أرضية الزاوية السعودية بجوار الأقصى.. وهناك داعب خياله سيرة الفدائي الأسمر وهو يلجأ متخفيا في بيوت خؤولته، كون عائلة أبو السعود ، هي خؤولة الزعيم الراحل الياسر الكاسر .
من النهفات التي صدرها عزام أبو السعود صاحب الروح المرحة مؤخرا “تفويزه” للصاحب بحلقة شعر رأس ع الناشف مع دخول جائحة كورونا التي تقترب ذكراها السنوية الأولى.. ” تنذكر ما تنعاد” في باب العمود بالهواء الطلق بعد أن نشر مسابقة ” تسلوية ” بهذا الشأن، على صفحته ع الفيسبوك.. كما لم يتردد للحظة عزام أبو السعود الإنسان الجميل، بمشاركتنا زيارة للكاتب الكبير محمود شقير بمناسبة فوز ه بإحدى جوائز الإبداع الأدبي وزيارة أخرى للكلية العربية على رأس جبل المكبر مع مركز القدس المجتمعي التابع لجامعة القدس بإشراف الناشطة هدى الإمام، حيث قدم شرحا لافتا وجميلا حينها عن الكلية والمنطقة المحيطة، تنم عن سعة اطلاعه على تاريخ وجغرافية القدس .
عزام أبو السعود.. قامة أدبية وفكرية مقدسية سخرت قلمها وفكرها وروحها لخدمة القدس وقضية فلسطين.. طاقة تعمل بصمت وهدوء وقلب محب وشغوف يحمل نفسا وحدويا وانسانيا عاليا ولا يفرق في نظرته بين أبناء الوطن، بصرف النظر عن خلفياتهم ومنابتهم وأصولهم.. فكلهم سواء ما داموا يضعون فلسطين نصب أعينهم .
كل الصحة والسعادة والعمر المديد للكاتب اللامع عزام أبو السعود.. متمنين له مزيدا من الإبداع والتألق.