براعة في الكذب أم مجرد حمارية لا غير!
الدكتور خضر محجز | مفكر فلسطيني
كثيراً ما يقترح المقترحون علينا أننا تسببنا لأنفسنا ــ نحن الفلسطينيين ــ بالنكبات المتلاحقة. ولأنهم ليسوا ماسوشيين ولا ساديين، فإنهم لا يقترحون علينا ذلك لمجرد الرغبة في التلذذ بجلد أنفسهم ــ إن اعتبروا أنفسهم منا ــ أو جلدنا، إن كانوا يرون أنفسهم غرباء عنا.
حسناً، سوف أتقدم لنا بالأسئلة الآتية، لعلنا إن استطعنا الإجابة عنها، ندرك الحقيقة:
1ـ ماذا لو لم يتقاتل الحسينيون والنشاشيبيون، أكان من الممكن أن لا تقع النكبة؟
2ـ ماذا لو لم تتدخل الدول العربية بقوتها الضعيفة، فتسحب أسلحتنا منا، ثم تولي الأدبار، مغرية إيانا بالانسحاب بعد انعدام وسائل المواجهة؛ أكان من الممكن أن لا تقع النكبة؟
3ـ ماذا لو تدخلت الدول العربية ولم تسحب أسلحتنا، ولم تول الأدبار؛ أكان من الممكن أن لا تقع النكبة؟
4ـ ماذا لو حاربت القوات العربية بكل بسالة، وكان جلوب باشا قائدها؛ أكان من الممكن أن لا تقع النكبة؟
5ـ ماذا لو حاربت القوات العربية بكل بسالة، ولم يكن جلوب باشا قائدها؛ أكان من الممكن أن لا تقع النكبة؟
6ـ ماذا لو قبل الفلسطينيون والعرب بالتقسيم؛ أكان من الممكن أن تكتفي الحركة الصهيونية بحدود التقسيم، وتقوم دولة فلسطينية على القسم العربي؟
7ـ ماذا لو لم ينشئ العرب منظمة التحرير، عام 1964، ليقذفوا بالمسألة الفلسطينية على كاهل الفلسطينيين وحدهم؛ أكان من الممكن أن ننشئ منظمة أفضل، ونحرر فلسطين وحدنا؟
8ـ ماذا لو أنشأنا منظمة أفضل، أقل فساداً، وأكثر تديناً؛ أكان من الممكن لنا وحدنا أن نحرر فلسطين؟
9ـ ماذا لو لم نقبل قرار 242؛ أكان من الممكن أن نحصل على دعم عربي ودولي أكبر؟
10ـ ماذا لو لم توافق منظمة التحرير على برنامج النقاط العشر؛ أكان بإمكاننا أن نستطيع مواصلة الحصول على الدعم العربي الزهيد؟
11ـ ماذا لو نجح الانشقاق في تحقيق أهدافه؛ وسيطر أبو موسى والعملة على منظمة التحرير؛ أكان من الممكن أن تكون منظمة التحرير الآن قد حررت القدس؟
12ـ ماذا لو لم يحدث الانشقاق المذكور؛ أكان من الممكن أن تكون منظمة التحرير الآن قد حررت القدس؟
13ـ ماذا لو لم يخرجنا الصهاينة من بيروت عام؛ أكان من الممكن أن تكون منظمة التحرير الآن قد حررت القدس؟
14ـ ماذا لو دعمتنا الدولُ العربية في حرب 1982 أكان من الممكن أن نواصل التقدم نحو تل أبيب؟
15ـ ماذا لو سلم ياسر عرفات قيادة الشعب الفلسطيني للشيخ أحمد ياسين، بمجرد إنشاء المجمع الإسلامي؛ أكان من الممكن أن يكون الإخوان المسلمون الآن قد حرروا فلسطين وأقاموا الدولة الإسلامية فيها؟
16ـ ماذا لو توحد الإخوان وغير الإخوان في فلسطين، وتوحد العرب جميعا، وقادوا قواتهم الموحدة نحو القدس؛ في نفس هذه الظروف الدولية؛ أكان من الممكن أن يحرروا فلسطين، ويحتفظوا بها؟
17ـ ماذا لو توحد العرب واستعادوا فلسطين، الآن وفي ظل هذه الظروف الدولية؛ أكان من الممكن أن يظل العالم العربي موجوداً، أم سيحدث له ما حدث للعراق؟
18ـ ماذا لو لم يفجر الفلسطينيون الانتفاضة الأولى؛ أكان من الممكن أن يتطور واقع الفلسطينيين في الضفة والقطاع نحو التحرر السلمي؟
19ـ ماذا لو واصل الفلسطينيون انتفاضتهم الأولى، حتى الآن؛ أكان من الممكن أن يكونوا قد تحرروا اتوماتيكيا دون اتفاقيات؟
20ـ ماذا لو تحرر الفلسطينيون أوتوماتيكياً، بفضل إصرارهم وصمودهم في الانتفاضة المتواصلة؛ أكان من الممكن لهم أن يقبلوا بالسكون، فيما تبقى حيفا ويافا والجورة في أيدي الصهاينة؟
21ـ ماذا لو لم يوقع ياسر عرفات أوسلو؛ أكان من الممكن أن يحتفظ بالعائلات والقوات الفلسطينية في الفضاء؟
22ـ ماذا لو لم يشعل ياسر عرفات انتفاضة الأقصى؛ أكان من الممكن أن تواصل إسرائيل انسحاباتها لتقوم دولة فلسطينية في الضفة والقطاع والقدس والممر الآمن؟
23ـ ماذا لو تواصلت انتفاضة الأقصى إلى الآن؛ أكانت ستؤدي إلى انسحاب إسرائيل وتفكيك المستوطنات؟
مثل هذه الأسئلة هي ما توجهت بها للجمهور، عقب محاضرة فذة من دكتور فذ، زعم أننا نحن الفلسطينيين من تسبب في النكبة لنفسه. مثل هذه الأسئلة هي ما دلني على أن متخذ القرارات في كل مرة كان هو الواقع، وإن شئت فقل إنه موازين القوى.
استغربت حين عقب الدكتور على تساؤلاتي هذه، باتهامي بالدعوة إلى الاستسلام!. فهل هذه براعة في الكذب، أم حمارية لا تستطيع أن تفهم منطق البشر؟