حوار مع مناضل
د. خضر محجز | فلسطين
لم أكن مناضلاً يوماً، ولكني كنت خضر بن عطية الضعيف المسكين، من عائلة صغيرة في الجية.
عشت في المخيم، وتنقلت بين أربع حارات: حارة البرابرة، وحارة الفالوجا، وحارة العلمي، وحارة بئر النعجة.
في الأولى كنت فقيراً يتيماً وحيداً.
في الثانية كبرت وتحولت إلى زعيم حزبي يمتلك من القوة ما يمكن له به أن يخيف الناس.
وكذلك في حارة العلمي حيث صرت المسؤول الأول في حزب مسلح قوي.
وفي الرابعة عدت كما كنت يتيماً فقيراً ضعيفاً لا ناصر لي إلا الله.
فأتوني بجار في مراحل قوتي نظرت في وجهه نظرة غضب
إيتوني بجار أساء إليّ ورددت عليه إساءته، بكلمة أو بحرف، أو بتهديد
سُجنتُ وعُذّبت ولم أعترف. ثم نُفيت إلى مرج الزهور، ورفعت هناك وحدي علم فلسطين. ثم عدت واستقلت من حزبي واشتغلت شغلتي الأساسية (مصلح غسالات) وكنت من قبل أرسل الناس إلى الخارج ليتعلموا، ويرجع الواحد منهم ليقول عني (جاهل) لأنني ذكرته ونسيت نفسي.
كل ذلك ولم أنفخ صدري يوما على أحد ولم أقل لأحد: (أنا مناضل).
ورأيت مناضلين سُجنوا وخرجوا ولم يؤذ أحد منهم عدواً، بل العرب الضعفاء، وقال لي: (أنا مناضل). ثم استعان عليّ بسلطة الحزب ليسجنني، وفرح الحزب به وسماه مناضلاً.
هذا ليس دعاية انتخابية لأني لن أرشح نفسي، فاطمئنوا
وهذا مثال لحوار متخيل مع المناضل:
ـ أخوك المناضل فلان
ـ كيف يعني؟
ـ سُجنت خمس سنوات
ـ وماذا تشتغل؟
ـ عقيد
ـ يبدو أنك سُجنت مثلي بسبب الكتابة على الجدران.
ـ لا، بل كنت مسلحا
ـ كنت مسلحا وضبطوك مسلحا؟
ـ نعم
ـ وسجنوك خمس سنوات؟
ـ نعم
ـ إذن فقد استعملت سلاحك ضد جيرانك، فسلاح يأتي بخمس سنوات سجن، ضل طريقة يا سيادة العقيد.