قد تكون الحرية (…….)

مها دعاس | ألمانيا

لأن السماء زرقاء واسعة، رحبة بلا حدود، ممتدة بلا بدايات، بلا نهايات، دهشة المجهول وإلحاح الفكرة تلو الفكرة ولغز الألغاز، رغبة ملحة في المعرفة.

لا يمسك بطرفها أحد ولا ندرك عنها إلا ما أرادت لنا أن ندركه لاهثين خلف فك أسرار الماورائيات، عاجزين عن فهم الغيب.

سيطرة اللون وانعكاسه على كل التفاصيل، دقة المعنى والكمال في أبهى لوحة.

 

قد تكون الحرية أيضا زرقاء؛

لأن الصحراء برية الأمنيات وعشبة الوجود، سيرة البدء وخاتمة كل الطرقات، أول النظر وآخره، رائحة الأرض، صوت التراب ولمعة الرمل عندما يتماهى مع كل ما حوله ليغدق عليه بالسحر، عزف النقاء وصفاء الخلق، لحظة الرهبة أمام عظمة الاكتشاف وثبات الخطوة عكس اتجاه الريح.

صوت التجربة المدوي وحصاد المسير نحو الضوء.

 

قد تكون الحرية برية الأمنيات؛

لأن العاطفة الزهرة البرية الوحيدة التي تدل على الحياة وتبعث على الاستيقاظ، كينونة الوجود ودهشة الاستمرار في النبض بصدق خدج لم تشوهه الأيام، أن يكون القلب جسرا تسير عليه، لتهدهد للروح بما يفيض من القلب فتعجز عن التعبير في حدائق اللهفة، لتنعس في عيون الشوق وتنام بين رموش الحنين،

ببساطة وقوة رائحة الحبق ووضوح لونه عندما تنهمر وَجدا، بانتظار ابتسامة توحي بسعادة لا تزول.

مقامات القلب والسكينة درب الطمأنينة وجنون الخفقان، شغف الوصل والتواصل، انسجام لغة النفس والأنفاس.

 

قد تكون الحرية روحا؛

لأن الطيور ملونة بأجنحة كبيرة وصغيرة، تطير، تحلق، تعود أو لا تعود ،تحط، تهاجر، تغرد خارج السرب، تراقص الريح، تلاعب الهواء، لا تنظر للأسفل، كل الكون أراجيح لها وكل السماء ملعبها، قمم الجبال وعزتها، مسكنها.

أسراب ومنفردة تغزل الفضاء وتلونه بالتفرد والخيال.

 

قد تكون الحرية أجنحة؛

لأن البرق يعصف، يهدد، يتوعد بشق السماء والأرض، يلمع بقوة ويصرخ هو أنا البرق واسمي يحدث عني، عن صخبي وضجيح صوتي يجتاح الكون، ينبىء بما يغيث و يروي الأرض اليابسة العطشى للمطر، اشتهاء الحقول وروابي شقائق النعمان للربيع.

لمعة الكمأة تحت التراب تنتظر بفارغ الصبر رعدا يزلزل لتتشقق الأرض فتولد.

 

قد تكون الحرية برقا؛

لأن الأمومة صدق مطلق، أن تلتفت بعينها ليدفأ العالم من صقيعه، أن تعانق بقلبها فتمتلىء الليالي المعتمة بالنجوم الحالمة، وما إن  تمد يدها للنهار تشرق الشمس وتنهض من غفوتها لتعيد ترتيب فوضى المنهكين والمتعبين بضجيج كوابيسهم وتقلبهم في أَسِرة قنفذيّة.

 

قد تكون الحرية حضن أم؛

لا قوة كقوتها ولا حياة بدونها، لها يرقص الزهر ويغني الشجر لتزهو النسمة؛ تبيت كل المخلوقات بانتظار صحوتها وعلى أنغام أشعتها تنسجم وتتناغم من أصغرها لأكبرها، تتدلى عناقيد البهجة و نبيذ الدفىء، تحت عرائش النهار.

القوة التي تصرع البرد وتقاوم الظلمة، لم تخلف موعدها يوما في النهوض كل فجر لتقتفي أثر الحالمين بالضوء وعلى موعد دائم مع الانتظار. 

ولأن لا حياة بدونها قد تكون الحرية الشمس؛

وقد تكون

وقد تكون

وقد تكون

ولهذه الـ”قد” سأظل أنتمي..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى