الشاعر اليمني د. إبراهيم طلحة و ليلاس زرزور (وجها لوجه)
خاص | جريدة عالم الثقافة
إبراهيم محمد عبده سعد طلحة. محل وتاريخ الميلاد: وصاب السافل – ذمار، الجمهورية اليمنية، 1976م ..حاصل على دكتوراه في اللُّغة العربيَّة، تخصص: دراسات لغوية، من قسم اللغة العربية وآدابها بكلية التَّربية – جامعة عدن، بتقدير امتياز مع مرتبة الشرف الأولى وحاصل على ماجستير في اللُّغة العربيَّة، تخصص: لسانيات حاسوبيَّة، من قسم اللغة العربية والترجمة بكلية اللُّغات – جامعة صنعاء، بتقدير امتياز وبكالوريوس في الدِّراسات العربيَّة، من قسم الدراسات العربية بكلية التَّربية – جامعة صنعاء، بتقدير امتياز مع مرتبة الشرف وشهادة إجازة في حفظ القرآن الكريم والكفاءة في اللُّغة الإنجليزيَّة وعمل في تدريس مواد اللُّغة العربيَّة ومهاراتها في العديد من الجامعات؛ كذلك عمل محررًا في عدد من الصحف والمواقع الإليكترونية، ومشرفًا على ملاحق ثقافية وإعداد وتقديم برامج إذاعية وتليفزيونية وفي مجال التَّصحيح اللغوي في عدة صحف ومراكز بحثية ودُور نشر وله مشاركات وبحوث وأوراق عمل في ندوات ومؤتمرات وفعاليات ثقافية، وعضو لجنة تحكيم في بعض المسابقات الأدبية ولديه العديد من الكتابات الصحفية الثقافية في مجالات الفكر والأدب والنقد وأشرف على عدد من المشاريع في مجال التراث والثقافة في مؤسسات علمية وإعلامية في الشعر/التدريب اللغوي. /صناعة المحتوى /عضو هيئة التدريس في جامعة تعز /عضو اتِّحاد الأدباء والكُتّاب اليمنيين / عضو رابطة شعراء العرب / عضو رابطة الأدب الإسلامي العالميَّة.
صدر له:
- على مرمى قصيدة – برازخ الموت شعرا (ديوان شعر)، عن دار عبادي للدراسات والنشر بصنعاء، 2007م.
- البنية المعجمية العربية في لغة الحاسوب (كتاب)، عن مركز الأمين للنشر والتوزيع بصنعاء، 2008م.
- سداسيات الخيّال (ديوان شعر)، عن مركز عزيز للدراسات والنشر بصنعاء، 2018م.
- بيت بوس (رواية)، عن مركز عزيز للدراسات والنشر بصنعاء، 2018م.
- قمر ونافذة (ديوان شعر)، عن مركز دال للتوزيع والنشر بصنعاء، 2020م.
- كرتون البرتقال (مجموعة قصصية)، مركز دال للتوزيع والنشر بصنعاء، 2021م.
- البنية الأسلوبية في لغة الإعلام العربي الجديد (شبكة الجزيرة نموذجًا) (كتاب)، مركز دال للتوزيع والنشر بصنعاء، 2021م. وله عدة أعمال تحت الطبع،.
كان لنا معه هذا الحوار القيم الماتع …
1_ متى اكتشفت موهبتك الشعرية ؟ وهل كان للظروف التي عشتها دورها في ظهور هذه الموهبة ومن كان له الفضل في اكتشاف موهبتك الشعرية ؟
اكتشفت موهبتي الشعرية مبكرًا، في الصف الرابع الابتدائي، حيث كنت أقرأ في الأدب القديم كثيرًا، وكان للظروف التي عشتها دور في تكوين موهبتي بالطبع، ولكن ما أعنيه هنا بتلك الظروف يتمثل في أنني كنت وما أزال أنتمي إلى أسرة علمية ومثقفة، بصرف النظر عن الظروف المادية، فكل موهوب يمكن أن ينبغ سواء أكان من أسرة فقيرة أو أسرة غنية، بحسب حيثياته الفردية والأسرية والاجتماعية، لكن بالنسبة إليّ يعود الفضل – بعد الله تعالى – في تشكيل موهبتي الشعرية وبعض المواهب الأخرى، إلى والدي الكريم، الذي وفَّر لنا أنا وإخوتي، مكتبة ضخمة منذ نعومة أظافرنا، متكئًا على اعتقاد متوارث لدى الأسرة التي منها فقهاء وقضاة وأدباء ومعلمون وأطباء ومهندسون، بأهمية العلم والثقافة، فوالدي نفسه درس في أربطة العلم، ثم ثقَّف نفسه ضمن سياقات التثقبف الممكنة في وقتهم، ووجَّه أولاده، وأنا أكبرهم، إلى دروب العلم.
2_ الشعر الحقيقي هو انعكاس لموهبة ولكن ذلك لا يكفي لانتاج ما نصبو إليه من إبداع .. ما هي العوامل التي تسهم في تشكيل هذه التجربة ؟
الشعر الحقيقي يحتاج إلى جهد كبير من المبدع، والملَكة وحدَها لا تكفي، ما لم يحاول المبدع تطوير نفسه بالقراءة والاطلاع، وتثقيف الذات، وامتلاك أدوات اللغة والنحو والعروض والكتابة، فالمنظومة الإبداعية هي كلٌّ متكامل ولا يمكن فصل التجربة عن الموهبة، ولا الكفاءة عن الملَكة.
3_ كثير من الشعراء لديهم الحظ ولكن ليس لديهم المعجم اللغوي كيف تفسر ذلك؟
لعل الحظ مع كثير من المبدعين وغير المبدعين.. مسألة الحظ نسبية، لكن الشعر هو الشعر في كل الزمكانات.. وشخصيًّا أعتقد أن المبدعين العرب (المبدعين الحقيقيين طبعًا) ليسوا محظوظين كثيرًا، وأما موضوع المعجم الشعري، فمما لا شك فيه أن معجم كل شاعر نابع من اهتماماته، وأيضًا من ثقافته، وعلى قدر امتلاء الشاعر بالثقافة وبالمكنونات الإنسانية تظهر لغته الأدبية وقاموسه الشعري، إنما لا أحب ربط موضوع القدرات بالحظوظ، فالحظوظ ممكن أن تأتي عرَضًا، لكن القدرات التعبيرية لا علاقة لها بالحظوظ، فنحن نستطيع أن نكتسبها ونطوِّرها.
4_ ما رأيك بالحركة الأدبية حاليا خاصة بعد انتشار وسائل التواصل الإجتماعي السريعة ؟
الحركة الأدبية ووسائل العصر الذي تزامنه حركة أدبية ما، تتكاملان فيما بينهما، فالأديب هو ابن بيئته الزمكانية، والوسيلة التي يستعملها هي وسيلة الزمان والمكان اللذين يوجد فيهما، وأنا شخصيًّا ممن تأثروا بوسائل التكنولوجيا الحديثة في أعمالهم، وخاصة خلال العشر السنوات الأخيرة، وأصدرت بعض الأعمال إلكترونيًّا إلى جانب نسخها بالصيغة الورقية، وهذا طبيعي في زمن التواصل والاتصال الجماهيري، ولا سيماا وأن تخصصي الدقيق في الدراسات العليا كان حول لغة الأدب الرقمي والإعلام الجديد ومعجم الحاسوب، فوجدت نفسي متأثرًا بهذا الشكل المعرفي الحديث، وغيري كذلك سيتأثر، نحن جميعنا نتأثر بهذا النمط من حيث نشعر أو لا نشعر.
5_ هل يمكن القول أن المعلم هو الأساس لاطلاق أي موهبة أدبية وهل يستطيع المعلم أن يختصر على الموهوبين سنوات طويلة يحتاج إليها الموهوب لتطوير ذاته ؟
المعلم هو المكتشف للموهبة الأدبية، بحكم احتكاكه معها في الموقف التعليمي، وبالطبع إلى جانب الأسرة، على أن الموهوب يمكنه اكتشاف نفسه بنفسه من خلال التجارب والمواقف التي يمر بها، فما ينجح فيه فليطور نفسه فيه، وما يخطئ فيه فليعد له، إلى أن يرى بالتكرار ما هي الموهبة التي تناسبه، التي يكتشفها بالدرَبة والتمرين
6_ ما رأيك بالنقد ؟
النقد فن، ويوجد نقاد مبدعون يستطيعون مجاراة العمل الإبداعي بنقدهم، ونقاد عاديون يكتفون بتوصيف العمل ومدح صاحبه أو قدحه، لكن سواء في ظل وجود النقاد المبدعين أو عدم وجودهم، الأصل أنه لا يوجد عمل أو شخص فوق مستوى النقد.
7_ هل ترى ان الشعر العربي حاليا يمر بحالة تقهقر ؟
رأيي الشخصي أن الشعر العربي حاليا نشط ولا يمر بمرحلة تقهقر، بل هنالك اشتغال شعري كثيف، لكن يفتقد إلى معايير الجودة، وعمومًا وسط هذا الإصرار من جميع الناس على أن يكونوا شعراء سيخرج واحد أو اثنان أو ثلاثة أو حتى عشرة شعراء، والباقي يذهب جفاء.
8_ ألا تشعر بأن هناك تباينا بين الشعر المعاصر والشعر القديم ؟
هذا التباين طبيعي، فلكل زمن أدواته، بل لكل زمن أهله ومجتمعاته، ومن هنا فإن كل شاعر في القديم سيتناول الصحراء والناقة، أو النهر والبحر، أو الشمس والقمر، من موقع رؤيته، وكل شاعر في الوقت الحالي سيتناول هذه المعطيات أو غيرها، مضافة إلى ما استجد من أدوات الحضارة.
9_ ما نوع الشعر المفضل لديك ؟ وهل الشعر هو تعبير عن الإحساس ؟
حسب الهاجس الذي يجول في الرأس أفضّل نوع القصيد، فأحيانًا أفضّل الشعر الفصيح وأحيانًا الشعبي، أحيانًا قصيدة العمود وأحيانًا قصيدة التفعيلة وأحيانًا قصيدة النثر، وأحيانًا أبتعد عن الشعر، لكن بشكل عام أفضل أنواع الشعر لدي هو شعر العمود.
10_ هل الشعر صناعة ؟
سبق وقلت، وأكرر: للشعر أشكال متعددة، ويظهر لي أن القصيدة الشعرية تشبه أحيانًا المسألة الرياضية، ولو أن بعض النقاد يرى الشكل الشعري القائم على منطق العقل والرياضيات مصطنعًا. ولكن أيًّا يكن الأمر، فإنَّ قصائد ما تعدُّ لدى بعض الدارسين عصور الانحطاط، تظل شكلاً ابتكاريًّا فريدًا ومتعوبًا عليه، كالأبيات التي تُقرأ من اليمين إلى اليسار والعكس، والأبيات التي تخلو حروف كلماتها من النقط، والأبيات التي تتوزع كلماتها بحسب مخارج الأصوات والحروف، ونحوها.
مثلاً: اشتهر بيت يقول:
مودته تدوم لكل هولٍ
وهل كل مودته تدوم؟!
هذا البيت يقرأ من اليمين إلى اليسار والعكس، وفي اعتقادي أنه بيت ينمُّ عن ذكاء صاحبه، بصرف النظر عن مدى احتواء البيت على شاعرية.
عمومًا، أنا من تلك الفئة من الناس التي تحب خوض تجارب جديدة ومتنوعة في مجالات الإبداع، واختبار بعض مواهبي التي يمكن أن تكون موجودة دون أن أنتبه، وأتصور أنني من محبي المنطق والعقل الرياضي وآخذهما بعين الاعتبار كثيرًا، ولذلك جربت كتابة بعض الأبيات القصيرة على هذا النسق، ربما لأجل اكتشاف الممكن والمتاح اللغوي ليس إلاَّ.
وقد كتبت الأبيات التالية التي لم أكملها.. كل بيت منها يمكن قراءته من اليمين إلى الشمال والعكس، هكذا:
أراد وراح
وحار ودارا
أراق وقارًا
أراق وقارا
أراح وهل هو
هل هو حارا؟!
أراه نهارًا
أراه نهارا
لِلُّغة تمظهر رياضي..
بعيدًا عن الشاعرية، كما قلنا.
لزوميَّة
لكَ أنْ تَقُولَ وَلِيْ بِأنْ أتَأوَّلا
ما دُمْتَ تأتي في اهْتِمامِي أوَّلا
///
لكَ أنْ تُطالِبَ بالَّذي في ذِمَّتي..
وتَقُولَ: سَدِّدنِيْ، وأنْ تَتَقَوَّلا
///
اطلبْ عُيُوني أيُّها القَمَرُ الَّذي
ما بينَ أهدابِ العُيُونِ تَجَوَّلا
///
اطلبْ حُقُوقَكَ مِنْ حَبِيبِكَ تَلْقَها..
هذي حُقُوقُكَ.. أنتَ لَنْ تَتَسَوَّلا
///
لكَ ما تَشَاءُ مِنَ المَحَبَّةِ عَدَّ ما
وَقَفَ المُحِبُّ على الطُّلُولِ مُطوَّلا
///
لكَ – يا حبيبَ القَلْبِ – هذا القلبُ، لا
بَشَرٌ سِوَاكَ عليهِ قلبي عَوَّلا
///
فَلْتَتَّخِذْ فيهِ القرارَ، فإنَّهُ
ما عَدَّ غَيْرَكَ بِالقَرارِ مُخَوَّلا
///
قُلْ ما تَشَاءُ كما تَشَاءُ، فلَنْ ترى
أنَّ الحبيبَ عَنِ الحبيبِ تحَوَّلا
///
ثِقْ بالحبيبِ ولا تُصَدِّقْ مُطلَقًا
مَنْ ضَخَّمَ الأمرَ البسيطَ وَهَوَّلا
///
إنِّي أُحِبُّكَ – يا حبيبي – كيفما
شيطانُ أشْعارِيْ أرادَ وَسَوَّلا
///
وإذا ضغطتَ هنا على “أحببتهُ”
فكأنَّما المَنْشُور صارَ مُمَوَّلا!!
11_ ما رأيك بقصيدة النثر التي تحررت من القافية والتفعيلة والوزن وزاحمت القصيدة التقليدية ؟ وهل انت مع تصنيفها تحت خانة الشعر ؟
من الأخير، أنا مع قصيدة النثر، وأراها شكلاً شعريٍّا، مثل كل أشكال الشعر الأخرى، والتسمية لا غبار عليها؛ لأننا قد نقرأ قصيدة عمودية لا شاعرية فيها، ونقرأ قصيدة نثر في قمة الشاعرية، فالأصل في الحكم على الشاعر ليس شكل قصيدته بل مضمونها وتكوينتها، وأقول دائمًا: إن صاحب النفسية الجميلة والروح الحلوة والكلمة العذبة والرؤية الناضجة والمواقف الإنسانية، هو شاعر، ولو لم يقل في حياته حتى قصيدة واحدة.
أجمل ما في الشعر أنه يتعلق بالمشاعر الصادقة لا بالشكل فقط، ومن هنا، أنا أميل إلى الانتصار للجميل من قصائد النثر، كما قلت لك.
12_ كيف ترى الوطن في شعرك ؟
الوطن هو بيت القصيد، كما أن القصيدة هي وطن. من لا ينتمي إلى الوطن لن ينتمي إلى الشعر، ومن يتحدث عن الحب وهو لم يحب في يوم من الأيام وطنه، فمن الصعب تصديق حبه؛ لأن حب الأوطان هو مكمن الحب الصادق، وحبها من الإيمان، لا.. بل إن حب الأوطان هو الإيمان.
13_ماهي العوامل التي ادت إلى الحد من انتشار الكتاب الورقي في عالمنا العربي ؟ وهل تعتقد بأن وسائل الإتصال الحديثة سهلت الحصول على النسخ المجانية إحدى هذه العوامل؟
غلاء أسعار الطباعة الورقية وجّهنا إلى البحث عن البدائل الرقمية، وفي اعتقادي أنه لم يتم الاستغناء إلى الآن عن الطباعة الورقية، بدليل أننا ما زلنا نستخدم الورق في الطباعة، حتى في ظل الوجود الكثيف للحواسيب، وعلى كُلٍّ، من الممكن أن تمشي الطباعة الورقية إلى جانب الطباعة الرقمية حاليًّا، ووسائل الاتصال الحديثة هي تجعل حصولنا على الإصدارات أسهل، لكنها لا تغني عن الكتاب الورقي، ما لم يتم ضبط النشر الإلكتروني وحفظ حقوق المؤلفين.
14_ كيف تنظر للمرأة في شعرك وكيف تجد المرأة كشاعرة ؟
كل قصيدة هي أنثى، وكل أنثى هي قصيدة.. المرأة في قصائدي حاضرة وبقوة، وربما المتابع لإصداراتي الشعرية وكتاباتي ومنشوراتي ومعظم قصائدي، سيقول في قرارة نفسه: إن هذا الشاعر لا موضوع في قصائده غير المرأة؛ لأن كثافة تناولي للمرأة لا تقل نسبة عن نصف تناولاتي الأدبية المتعددة، بحكم أن المرأة هي نصف المجتمع (وفي رأي والدي: هي كل المجتمع)، وطبعًا المعادلات الموضوعية لدينا كثيرة، فالأرض امرأة، والشجرة امرأة، والحياة امرأة… إلخ؛ وكذلك القصيدة امرأة.. القصيدة أنثى.
خُذي أحلى القصائدِ من عيوني
خُذي عقلي وخَلّي لي جُنوني
///
خُذي رمْشي.. خُذي أهدابَ قَلْبي
سأحفظُ كبرياءَكِ في جُفُـــوني
///
لأنّكِ أوّلُ الكــــافــــاتِ رَسـْمًا
وآخِرُ نُقطَةٍ في سَــــطرِ نُـونِ
///
فكُوني لي أكُنْ، كُوني حَياتي
حَياتي أنْ أكونَ وأنْ تَكُـــوني
///
فبيــــنَ يدَيْـــكِ للحنّــــــاءِ لَونٌ
وبَينَ يديَّ ألــــــوانُ الفُنُـــــونِ
///
أنا ابنُ الشِّعرِ في شَالٍ يَمَانٍ
“متى أضع العمامةَ تعرِفوني”
15 _ هل توافق على مقولة إن إصدار الدواوين هو إثبات للذات أولا وأخيرا ؟
بالنسبة إلى الديوان الأول نعم أنا مع فكرة إثبات الذات، والعمل على تقديم نفسك وموهبتك بكل شجاعة أدبية.. هذه خطوة مطلوبة، لكن مع الأيام وتراكم التجارب فالأفضل حينها أن تقدمك أعمالك وإنجازاتك.. ويجب ألاَّ ننسى أن الأعمال الإنسانية – ومنها الأعمال الأدبية – تظل قابلة للأخذ والرد وعرضة للتقويم والنقد مهما بدت تامة مكتملة، فما هي إلا جهود واجتهادات بشرية، وليست قرآنًا كريمًا.
16_ ما سر نجاح الشاعر ؟
سر نجاح الشاعر إنسانيته، فما لم يمتلئ الشاعر بالإنسانية لن يمتلئ بالشاعرية.
ازدَد وضوحًا في الزّمانِ الغامضِ
لا تكترِث للعالَمِ المُتَناقضِ
///
واخفِض جَناحَكَ لِلورَى مُتَواضِعًا
لتعيشَ مرفوعًا بنَزعِ الخافضِ
///
كُن مُستَعِدًّا حاضِرًا مُتَهَيّئًا
لسماعِ قولِ مؤيِّدٍ ومُعارضِ
///
أحبَبتَ مَن قد كُنتَ ناصبتَ العِدا
أوَ ناصِبِيٌّ في الغَرامِ ورافِضي؟!
///
وقبَضتَ مِن أثَرِ الرَّسُولِ أثارَةً
قد يبسطُ اللهُ اليدَينِ لقابضِ
///
فانهض، وناهِض كُلَّ أعداءِ الهوى
المجدُ مكتوبٌ لكُلِّ مُناهِضِ
///
أحبِب بِكُلِّ شجاعةٍ أدبيّةٍ
قُل: إنّنِي في الحُبّ غير مُفاوِضِ
///
وجميلتي هِيَ حلوةٌ ولذيذةٌ
ولها تَسارَعَ نبضُ قلبي النّابضِ
///
كم أعشَقُ الحُلوَ اللّذِيذَ أنا، ولا
أستَبدِلُ الحُلوَ اللّذِيذَ بِحامضِ
///
وبِكُلِّ ما فيها أظَلّ أحِبُّها
بالرّغمِ مِن أسلُوبِها المُتَمارِضِ
///
هِيَ تحتفي بالحُزنِ في كَلماتِها
وأنا أعدُّ الحُبَّ ضِمنَ فرائضي
///
وقصائدُ الخنساءِ تعجب حلوتي
وأنا أحِبُّ قصائدَ ابنِ الفارِضِ