سوالف حريم.. عباءة ستي
حلوة زحايكة| فلسطين
لم تكن المرحومة جدتي تعتني بأناقتها، أو بالأحرى لم يكن لديها وقت للعناية بنفسها، فهي تعمل النهار وأطراف الليل، وهذا لا ينطبق على جدتي وحدها بل على كل مجايلاتها وسابقاتها من نساء الريف والبادية.
ونساء ذلك الجيل كنّ يحمدن الله في كل لحظة على ما هنّ عليه، بل كن يعتقدن أنّهن يعشن في ظروف هي الأفضل في العالم، وكنّ قانعات خاضعات للزوج ولوليّ الأمر من الذكور الذي كان من مهامه أن يضرب الاناث على أيّ هفوة، أو بدون سبب. وفي فصل الشتاء القارس كان جدّي-رحمه الله يستعمل “الفروة” المصنوعة من فراء الخراف، فينعم بالدفء الكافي، أمّا جدّتي ومجايلاتها وسابقاتهن فممنوع عليهن ارتداء “الفروة” وإلا اعتبرن مسترجلات والعياذ بالله. لذا فقد ابتكرن عباءة هي عبارة عن قطعة من النّول البلدي، يثنين طرفيها العلويين صانعات فيهما فتحة تدخل الواحدة منهن يديها فيها، وتعمل “ذبلوحتين” متقابلتين في مقدمتها العلوية لتربطهما على صدرها كي لا تنزلق العباءة عنها، ولا رِدْنين لعباءة النساء، لتبقى يدي المرأة طليقة وجاهزة للعمل في كل الأوقات.. وبعض النساء كانت عباءتهن من وبر الجمال، وبعضهن كن ينسجنها من صوف الغنم كما “الجرزة” أمّا تعيس الحظ فهو من كان يلتطم ولو بطريقة عفوية بمرتدية عباءة الوبر، فانها ستخزه كما الشوك.