عن نوال السعداوي ورحمة الله
د. خضر محجز | فلسطين
إن أسوأ ما يمكن أن يحدث لك أن تأخذ دينك عن الصبية، لأنهم متسرعون مع قلة بضاعتهم.
يصوغ مولاي النووي ـ قدس الله سره ـ عقيدة أهل السنة في الناس، فيقول ما معناه:
“وشهادة التوحيد تفيد الإيمان بيقين، ولا يُخرج الإيمانَ إلا يقينٌ معاكس بقوة الأول” انتهى كلام النووي.
قلت:
فالمسلم الذي نعلمه عاصياً لله مسلم، لم يخرج الإيمان من قلبه بالمعصية. وعلى هذا أجمع أهل السنة سلفاً وخلفاً.
فمن مات عاصياً نحن لا نعلم إن تاب أو لم يتب. فحتى لو لم يتب، فرحمة الله غير ممنوعة عنه.
وقد سُئلتُ هذا الصباح عن نوال السعداوي، إن كان يجوز الدعاء عليها بألا يرحمها الله، فقلت بإذن مولاي:
لا أحب نوال السعداوي، وأمقت ما تدعو إليه، وأعرفه، لكني لم أعلمها كافرة بالله ورسوله. فإن ماتت فلا أراها إلا مسلمة ماتت. ولا يجوز الدعاء على المسلم الظالم بأكثر من ظلمه. فقد يجوز أن تدعو على مسلم ظلمك، بأن ينتصف لك الله منه. أما أن تدعو عليه بألا يرحمه الله، فهذا سوء أدب مع الله، واعتداء في الدعاء.
هو سوء أدب، لأنك تطلب من الله أن يمنع صفة من صفاته عن مسلم.
وهو اعتداء في الدعاء، لأنك تطلب من الله ما لا تملك وما هو ليس من حقك. وأنت لست أعلم من الله من يستحق الرحمة ممن لا يستحقها.
مثال:
القرآنيون كفار، لكن لو علمت أن أحدهم مات، لظننتُ أنه تاب قبل أن يموت، ولما استحللتُ أن أدعو عليه بعدم الرحمة.
فلو قلت: رحم الله نوال السعداوي، فلن تكون واقعاً في الخطر، بخلاف ما لو دعوت عليها الله ألا يرحمها، لأنك تخشى أن يجيبك الملاك، بقول الله في الحديث القدسي: “من ذا الذي يتألى عليّ؟ أخبره أني قد غفرت له وأحبطت عملك”.
وفي الختام إليكم هذا الحديث الصحيح، قريب مما نقول، وإن لم يكن مطابقاً:
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: “أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ الرُّكُوعِ، مِنْ الرَّكْعَةِ الْآخِرَةِ مِنْ الْفَجْرِ؛ يَقُولُ: «اللَّهُمَّ الْعَنْ فُلَاناً وَفُلَاناً وَفُلَاناً» بَعْدَ مَا يَقُولُ: «سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ» فَأَنْزَلَ اللَّهُ: ﴿لَيْسَ لَكَ مِنْ الْأَمْرِ شَيْءٌ إِلَى قَوْلِهِ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ﴾ (آل عمران/128). متفق عليه. واللفظ للبخاري.
فتوقف رسول الله عن الدعاء عليهم.
اللهم ارحم أموات المسلمين.