قصيدة أرواح متلاقية
طه حسين الجوهري | مصر
(إلى كل من فقد روحا عزيزة)
هِي رُوحِيُّ دُومَاً أٌطْلِقُهَا
تَغْدُو فِي كُلِّ الْأَقْطَارِ
///
فَدَعَتْهَا أَرْوَاحُ بُيْضُ
وَتَشٌدُّ يَدِيَّهَا بِإِصْرَار
///
فَشَعَّرَتُ بِأَنِّي نَاظِرُهَا
وَسَتَرْجِعُ ذِكْرَى الْأَخْيَارِ
///
فَصَعِدَتُ إِلَيْهَا سَمَاوَاتٍ
مَزَّقَتُ جَمِيعَ الْأَسْتَار
///
وَصَحِبَتُ إِلَيْهَا قِيثارَتَنَا
لِنُغَنِّي عَلَيْهَا أَشِعَارٌ
///
فَالشَّوْقُ عَلَيْهَا يَجْمَعُنَا
وَعَلَيْهَا أَحْكِي الأَخْبَار
///
فَرَأَيْتُ أَطِيَافَاً خَضِرَاً
تَعْلُوهَا سَحَابَةُ أَنْوَارٍ
///
وَوَجَدَتُ بَيْنَهُمُو قَمَرًا
هُوَ مَرْكَزُ تِلْكَ الْأَقْمَارِ
///
وَوَجَدَتُ النَّحْلَ يُقَبِّلُهَا
يَحْسَبُهَا عَبِيرُ الأزهار
///
وَرَأَيْتُ الطَّيْرَ يُعَانِقُهَا
يَحْسَبُهَا عُرُوشُ الْأَشْجَارِ
///
نَظَرَتْ عَيْنَاهَا لَعِينَاي
فَشَعَّرَتُ بِدَوْمَةِ إعْصَارٍ
///
رَشِفَتْنِي يَدَاهَا بِقَطَرَاتٍ
مَنْ أَعَذَّبِ مَاءِ الْأَنْهَارِ
///
فَأَفِقَتُ سَرِيعَا مَنْ سُكْري
يَمَّمَتُ إِلَيْهَا الْأَنْظَار
///
قَالَتْ وَالشَّوْقُ يُكَابِدُهَا
ء أُنَادِي الْيَوْمَ ب يَا جَارِي
///
بَلْ جِئْتُ أَزَوَّرَكَ يَا أَمْلَى
فَكَسَرَتُ جَمِيعُ الْأَسْوَارِ
///
لا بَلْ جِئْتَ الْيَوْمَ لِتَصْحَبُنِي
وَلِتَتِرُكَ دَارَ الْفُجَّارِ
///
فَالشَّوْقُ إِلَيْكَ يُطَارِدُنِي
وَالْجَنَّةُ مِنْ بَعْدَكَ نَار
///
لا بَلْ جِئْتُ أَزَوَّرَكَ يَا أَمْلَى
وَأَبُوحُ إِلَيْكِ بِأَسْرَار
///
قَالَتْ فَلَتَحَيَّا هُنَا مَعَنَا
وَلِتَنْعَمَ بَيْنَ الْأَبْرَارِ
///
إنْي أَحْبَبْتُكِ مِنْ قَلْبِيّ
وَالْقَلْبُ مِنْ بَعْدَكِ عَار
///
دُومَاً أَشْتَاقُ لِرُؤْيَتِكَ
لَوْ كُنْتُ بَعِيدَ الْأسْفَارِ
دَوْمَا أقْرَأُكِ فِي وَرْدِي
///
مِنْ بَيْنِ صَحِيفَةِ أَذْكَار
فَلِبُعْدَكَ عَنِيّ أَحْكَامٌ
///
قَدَّرَهَا صَانِعُ أَقْدَارٍ
بَلْ نُحِيَا الْيَوْمُ هُنَيْهَتَنَا
///
وَلِنَجْلِسَ نَحْكِي الْأَخْبَار
قَلْبَيْنَا الْيَوْمَ قِيثَارَتُنا
///
جَمَعَتْ بَيْنَهُمَا الْأَوْتَار
تَهْتَزُّ فَتَصْدِرُ أَلَحَانَا
///
تَتَرَاقَصُ مِنْهَا الْأَحْجَارَ
كَادَتْ أَنْ تَدْمَعَ عَيْنَاهَا
قَالَتْ لَنْ أَقْبَلَ أَعْذَار
///
ذَهَّبَتْ تَتَرَنَّحُ مُسْرِعَةً
تَتَخَفَّيْ بَيْنَ الْأَشْجَارِ
///
لَمْ أُسَطِّعْ رُؤْيَةَ وِجْهَتِهَا
لمْ أُعَرِفْ قَصَّ الْآثَارِ
///
فَسَمِعَتُ الْقَلْبَ يُخَيِّرُنِي
مَا بَيْنَ الدَّارِ أَوِ الدَّارُ
///
مَا بَيْنَ بَقَاءٍ أَوْ سَفَرٌ
فِي دُنْيَا الرَّجُلِ الْغَدَّارِ
///
أَنْ أُحَيَّا وَسَطَ مَلَاَئِكَةٍ
لا بَيْنَ جُمُوعِ الأشرار
///
أنْ أَبْقَي عَبْدَاً مَحْكُومَاً
أَوْ أَحَيَّا حُرَّاً أَخْتَار
///
أَنْ اُشْعُرَ أَنَّى إِنْسَانٌ
لَا صِفْرَاً وَسَطَ الْأَصْفَارِ