ومضات الصاحب الباهرة في حضرة المتميزين والجبابرة (50)
محمد زحايكة | لقدس – فلسطين
باسم أبو سمية.. الإعلامي اللامع والوجه الساطع
في الفترة التي تعامل فيها الصاحب مع المكتب الفلسطيني للخدمات الصحفية ومجلة العودة في شارع صلاح الدين بالقدس، تلقفه الزميل الإعلامي والصحفي القدير باسم أبو سمية حيث كان يجلسه بجانب مكتبه في صدر صالة تحرير الأخبار في المكتب الفلسطيني ويقوم بتحرير أخباره المكتوبة على ورق جرايد بيضاء ونقلها على ورق A4 بخطه الواضح الجميل؛ مما أكسب الصاحب خبرة ووعيا أكبر بكيفية صياغة الأخبار بصورة مكثفة دون مط أو تطويل لا معنى ولا مبرر له خاصة وإن باسم أبو سمية في تلك الفترة قد أصبح مراسلا لإذاعة مونت كارلو ذائعة الصيت حيث نجح وتألق بصوته الرنان وأدائه الجميل وأسلوبه السهل الممتنع في تزويد هذه الإذاعة العالمية الناطقة بالعربية بأجمل التقارير الصحفية الدقيقة وذات المصداقية العالية.
وأذكر مرة أنني كتبت تقريرا عبارة عن صورة قلمية وانطباعية عن الأجواء المتوترة في أعقاب مقتل المستوطن الياهو عميدي في ثمانينيات القرن الماضي في أسواق القدس العتيقة وهو من جماعة عطيرات كوهانيم أو شوفو بانيم الاستيطانيتان اللتان تركزان على الاستيطان في البلدة القديمة وسلوان.
وكانت الأجواء شبه ماطرة حيث تتساقط حبات المطر فيما أسواق البلدة القديمة مغلقة ومقفرة والأجواء العامة مكفهرة، وفي اليوم التالي فوجئت بالزميل باسم يستدعيني إليه، ويجلسني بقربه ويسمعني تقريري بعد أن قام بتحريره وتهذيبه وتشذيبه وهو يتلى من صوت فلسطين في بغداد بصوت جهوري مفعم بالمهابة الثورية؛ فارتفعت معنويات الصاحب وكاد رأسه يرتطم بـ ” عنان” السماء
وتمر الأيام، ويعبر بنو كنعان – الفلسطينيون الجدد – نهر الأردن غربا في أعقاب سيء الصيت أو حبيب الشعب اوسلو.. ويبادر الصاحب وهو متواجد في أريحا بانتظار قدوم قوات الأمن الفلسطيني ويعمل على إعداد تقرير باسم التلفزيون الفلسطيني الذي لم يكن قد ولد بعد… من خلال “السلطة” على قناة التلفزيون الأمريكية CBS التي كان يعمل معها الصاحب.. وبعد الانتهاء من التقرير وتسجيله في استوديوهات JCS في القدس الغربية.. يحضر باسم ابو سمية كان حينها مديرا لإذاعة صوت فلسطين ولاحقا مديرا لتلفزيون فلسطين والإعلامي سمعان خوري ويستمعا للتقرير ويباركان نشره في برنامج خاص يبث كل يوم جمعة من نهاية الأسبوع في التلفزيون الإسرائيلي ويشرف عليه الإعلامي الإسرائيلي المخضرم سيغال غرشنباوم على ما يذكر الصاحب.. وقد استغرق بث التقرير سبع دقائق كاملة.. وأثار سخط بعض الصحفيين الإسرائيليين ومنهم يوني بن مناحيم الذين هاجموا التقرير ووصفوه بأنه منحاز للجانب الفلسطيني. اما جماعتنا من أباطرة التلفزة الفلسطينية بارك الله “بهم” على رأي الشيخ جميل السلحوت .. فلم يتذكروا الصاحب بكفاءته كإعلامي نشط ولو بطرطوشة عندما جار عليه الزمن.
باسم أبو سمية إعلامي من العيار الثقيل متفتح الذهن منفتح على الآخر، موضوعي وذو مصداقية مهنية عالية.. له من اسمه حظ كبير؛ فهو دائم الابتسامة والتبسم، متواضع، محب للزملاء بغض النظر عن ميولهم واتجاهاتهم الفكرية والسياسية، خفيف ظل.. “نغش” يتسم بروح جميلة.. باختصار شخصية مهذبة ومحبوبة.. ويشجع الآخرين ويدفشهم نحو التقدم والنجاح.
عاش باسم أبو سمية.. سواء كان على أرض السواد فلسطين أو في ربوع أميركا الضاحكة.