رسالة إلى مجهول (5)
هند خضر | سوريا
أيها المجهول:
لديّ رسالة يجب أن أوصلها لك قبل جفاف كلماتي و حروفي العطشى قبل أن يدخل حكم القضاء والقدر و يسترد الله أمانته على الأرض و قبل أن يعلنون أمامك خبر انسحابي من الحياة ..عندها فقط ستسترجع شريط الذكريات في رأسك ..
بعد أن هزمتني الأيام وتركتني أسيرة الظلام أخشى أن يمر العمر ولا تقع رسائلي بين يديك فتقرأها بشغف كما كنت تقرأ ملامحي و تفاصيلي ..
عندما تقرأ رسائلي ستدرك كم و كم أحببتك!
ستدرك كم سافرت منك و إليك ..كم حاولت النهوض منك فوقعت بك مجدداً ..وستعلم أن استحالة نسيانك دليل على تواجدك في مكانك الصحيح (في قلبي)
من أنت؟ ولماذا أنا؟
أجبني من فضلك و خذ ما تبقى من عمري و سنيني
من تكون لكي أخبئ لك كل هذا الحب في رئتيّ و تحت جلدي؟
من تكون لأوقف عقارب الساعة عند لحظة من الزمن؟
أنا على يقين بأن اللحظة التي أتكلم عنها اليوم لم تغادرك أبداً ..ولن يحصل هذا ..
من تكون لتدمع عيني إذا ما مرّ طيفك على البال؟
ألف وألف سؤال يراودني ويتركني عالقة في شباك حيرتي مابين شكي و يقيني ..
من تكون لتحتل ذاكرتي كل هذا الاحتلال وتمنع النسيان أن يطرق بابي؟
أتراك صادفت النسيان يوماً و منعته من عناقي ؟وقلت له: إياك أن تعانقها فهذه حبيبتي فأنا من تمنى عناقها يوماً
سأدعها أسيرة حبي و رهينة تفاصيل جمعتني بها ..
لماذا كل هذا؟ !
على سيرة النسيان والذاكرة سأخبرك بأنني أتذكرك دائماً وأتذكر كل ما تحب (شروق الشمس وتأثيرها على خلاياك ..قهوتك العاشقة المحلاة بقطعة سكّر بيضاء كوجهك ..الأغاني التي يروق لك سماعها و…)
آه من هذه الأغاني …هي اليوم بمثابة لعنة أصابتني كلما سمعتها أعادتني إليك ..
آه تذكرت ..
أنا لم أغادرك كي أعود إليك ..قصائدك المكتوبة لي مازلت أقرأها رغم أنها لم تعد بين مقتنياتي الخاصة إلا أنها في مكان آمن ..باقية معي في داخلي ..ذاكرتي و روحي كي لا يلعب الزمن لعبته ويسلبني إياها بطريقة أو بأخرى ..
لو أنك تقرأ لشعرت بحجم النيران المشتعلة في داخلي ..تلك النيران لم ولن تخمد ..لن تخمد طالما لي ذاكرة لم تصدأ ولم يعانقها النسيان بعد ..
أنا أحترق لأنني في المنتصف -النقطة الأشد ألماً- لا أستطيع التعري من حبك أخاف أن أفقد ذاكرتي ولا أستطيع ارتداء حبك مجدداً أخاف أن أفقد ذاتي ..
عندما تقرأ رسائلي ستخبرني من أنت؟ وسأعرف لماذا انا؟
يتبع …