حكايا من القرايا.. ” البركة “
عمر عبد الرحمن نمر | جنين – فلسطين
يتداول الناس هذه اللفظة ومشتقاتها كثيراً، وعند التأمل والرصد تجد أنه يندر أن يمر يوم دون استخدام كلمة “البركة”، وذلك لتوسع دلالاتها، ولتنوع مجالات توظيفها في حياة الناس وفي ممارساتهم، ومناشطهم اليومية المنوعة… يمر أحدهم على آخر يعمل في تذرية حبوبه على البيدر، فيدعو الله لطرح مزيد من الخير لصاحب الغلّة، فيصيح ” ع البركة “، ويرد صاحب المال ” حلّت ” أي حلّت البركة في المحصول عند رؤيتك له. ومما يسمع أيضاً للتدليل على نهاية العمل الزراعي القول ” فلان بورتش) بورك… أي أنهى العمل بخير الأرض وبركة السماء… وعندما يسأل صاحب المحصول عن الكمية التي جمعها، تدخل لفظة ” بركة ” في السؤال، كأن يقال، مثلاً: في بركة عملتوا السنة من القمح؟… وكأن لفظة بركة خرزة زرقاء تردّ العين الفارغة الحاسدة، تردّها إلى نحر صاحبها… ويكون الجواب موارباً: الحمد لله بركة من الله.
وفي الأغنية الشعبية النسائية نجد الاتكاء على البركة، ومزجها بمفهوم ديني، فعندما تهاهي المرأة في حفلة العرس، وتقول ” يا ريتو مبارتش ” مبارك ” سبع برتشات “بركات “… كما بارتش ” بارك” محمد ع جبل عرفات ” يتبع ذلك دفق من الزغاريد تنطلق من الحناجر النحاسية… ويغني الرجال في حفلة حمام العريس، وعندما يطلع الزين من الحمّام: مبارك حمّام العريس بهالساعة الرحمانية… مبارك حمّام العريس بهالساعة الرحمانية…
ويسأل الرجل آخر، أو أخرى: وين ع باب الله؟ رايحين نبارتش ” نبارك ” لفلان… تزوج، أو فلانة الله أعطاها الطنا… يتابع السائل” أقدامكم للجنة”… باركولوا ع حسابي… وباركوا لأمّو وأبوه… ويباركون “مبارتش ” مبارك” ما أجاكم…
وقد سمّى الفلاح بقرته، وماعزه ” بركة ” تيمناً بالخير الجزيل… وسمّى القزحة ” الحبّة السوداء ” بحبّة البركة… وعندما رأى ثمرتيْ لوز، أو زيتون متلاصقتيْن، قال” هي حبّة بركة… هي حبّة بركة “، وطبع البركة على العيد… فقال: مبارك عيدكم… ورمضان مبارك… وجمعة مباركة…
وقد انزاح معنى اللفظ قليلاً ليدل على الإنسان البسيط، وذي الإعاقة العقلية أحياناً لوصفه بأنه على البركة… فيقولون ” فلان على البركة “…
وندعو الله سبحانه وتعالى ” اللهم اهدنا فيمن هديت، وتولنا فيمن توليت، وبارك لنا فيما أعطيت…” يا رب… يا الله…