الثورات في العالم العربي؛ ثورات شعبية أم صناعة غربية؟
د. طارق محمد حامد | أكاديمي مصري
إذا تأملنا عن كثب في أسباب قيام الثورات في العالم العربي و خاصة في دول ثورات ما يسمي بالربيع العربي و الذي تحول بقدرة قادر إلي الخريف والشتاء العربي حيث الجمود و الصقيع في الحياة السياسية ، و عودا علي بدء من ثورة 1919م و التي تسمي ثورات بالمعني الحقيقي للثورات و مرورا بثورة 1952م أو انقلاب يوليو 52م و ختاما بثورة يناير 2011م لوجدنا أنها رغبة في تحريك المياه الراكدة عن طريق انقلاب عسكري ناعم علي السلطة الراهنة آنذاك تحولت بعد ذلك بتحريك الجماهير نحو الهدف المنشود من تغيير النظام القائم فقامت الجماهير و سميت بعد ذلك بثورة شعبية و هذا علي خلاف الواقع حيث الأسباب الحقيقية و الخفية لهذه الإنقلابات ليس لتغيير ملك فاسد أو حاكم ظالم ظل جاثما علي صدر البلد فترة تربو علي العقدين أو الثلاثة عقود من الزمان و لكن كما قلنا لتحريك المياه الراكدة لإحداث تغيير ما أراده الغرب المسيطر علي مفاصل العالم أجمع و ذلك إذا تمرد عليهم ملك أو حاكم أو استعصي عليهم نظام أو سلطة فيلجأون لتحقيق نظرياتهم في العالم العربي الضعيف فكريا وسياسيا واجتماعيا واقتصاديا ، يحركون الماء الراكد و يعتمدون علي الفوضي الشعبية الخلاقة التي تحدث خلخلة في جسم و مفاصل الدولة أو بالأحري النظام القائم ثم يتركون أذنابهم يحكمون بالوكالة لصالحهم.
و أعتمد هنا في تحليلي للثورات العربية علي عدم استبعاد نظرية المؤامرة و نظرية القصور الذاتي لدينا نحن العرب في فهم طبيعة الثورات أنها آلة غربية أصيلة في التغيير منذ اندلاع الثورة الفرنسية أم الثورات و المنظر الأول لكل الثورات التي تلتها مثل الثورة البلشفية و البلغارية و غيرها من الثورات ، و بما أنها آلة غربية أصيلة في التغيير فنحن لا نعي ذلك و لا نفهم هذه النوعية من الفلسفة القائمة عليها الثورات و هي ليست من مفرداتنا و لا ثقافتنا و لا أدبياتنا .
لماذا إذا نستخدم أداة- نحن الشعوب العربية- لتحقيق أهداف الغرب و أغراضهم الدنيئة من أوطاننا و الإستيلاء علي ثرواتنا و إفساد الحياة السياسية بدعوي أنها ثوراتتا و لكن أستثني أجزاء من المشهد في ثورة يناير 2011م حيث أنهم روجوا لفكرة الثورة و اعتمدوا علي نظرية الدومينو بإمكانية قيام الثورة في مصر كما قامت في مصر لتشابه الظرف و المناخ السياسي بين البلدين و عملوا علي استقطاب عددا من القوي السياسية و الأحزاب آنذاك و دفعوا بالشباب في أتون الإنتفاضة الشعبية و التي لم ترقي بعد إلي ثورة حتي تداخل فيها ما يسمي بتيار الإسلام السياسي أو الإخوان المسلمين فتحولت إلي زخم شعبي كبير ثم ثورة أربكت حساباتهم فتخلصوا من رأس النظام مبارك و لم يتخلصوا من الجسد و الدولة العميقة و كان دخول تيار الإسلام السياسي بمثابة الحبل الحريري الذي استخدمه النظام العسكري البديل لمبارك لشنق الإخوان و القضاء عليهم فيما بعد فكان طعما مغريا ابتلعه هذا التيار فأصبح صيدا سهل المنال قضوا به نحبهم فيما بعد أثر انقلاب الثالث من يوليو 2013م
و نخلص من هذا المقال إلي أن الثورات العربية لم تكن ثورات شعبية أصيلة بالمعني الحقيقي لها و لكنها كانت مبتورة الأطراف مكتملة الروح في الثورة علي الجهل و الفقر و المرض و الثورة علي الظلم و طلبا للحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية.