انتكاس المعايير (١)

رضا راشد | باحث بجامعة الأزهر الشريف

ولاينبغي أن ينتابك ريب أو يخالجك شك في أن الناس صارت تستدبر أعينهم، ويرون بأقفيتهم، ويمشون على رءوسهم، ويرفعون أرجلهم ..

وإن تملكك العجب مما أقول فانظر إلى أحوالهم تر الرجل يتخنث: متجردا من خشونة رجولته إلى نعومة الأنثى، وذلك في مظاهر كثيرة، بدءا من لبس الذهب الذي هو حلية النساء، إلى إطالة الشعر والخضوع بالقول، وتحلية الأعناق بالقلائد (السلاسل: ذهبية أم فضية) والآذان بالأقراط .. وكما يتخنث حسا تراه يتخنث معنى: بالانخلاع من قوامته خاضعا لأنثاه؛ طمعا في مالها، واسترزاقا من سعيها، حتى جاءت الطامة الكبرى بتنازل الرجل عن حقه في الطلاق طواعية للمرأة، فأضحت كثير من نساء علية القوم يملكن زمام الحياة الزوجية(ما يسمونه العصمة) في أيديهن، فغدا مستقبل الأسرة من نزق النساء وطيشهن في مهب الريح، وإن اسرة تملك المرأة زمامها لمصيرها الفشل؛إذ ما هي إلا سنوات أو شهور أو ربما أيام يذوق كل منهما عسيلة الآخر ثم يتفرقان وكأنهما شيطانان التقيا على قارعة الطريق فقضيا وطرهما ثم افترقا!
°°°
وكما تخنثت الرجال ترجلت النساء؛ فانخلعن من رقة الأنثى إلى خشونة الرجال وغلظ طبائعهم؛ بما اكتسبنه من كثرة الخروج من البيت، ومخالطة الرجال وغشيان مجالسهم، وبما تئن به المرأة من وطأة الضغوط التى لا طاقة لها بتحملها،ثم بفساد طبائعهن؛ تأثرًا بالدعوات الفاسدة المفسدة في وسائل الإعلام التى لا هم لها سوى أن تملأ إهاب المرأة تمردا على الرجل وثورة عليه؛ مزاحمة له في قوامته بعد مزاحمته في عمله ومجاله..فالمرأة -كما تريد وسائل الإعلام- لا بد أن تكون ذات شخصية قوية، وألا تخضع لزوجها، وأن تعمل دائبة على أن تكون رأسها برأسه؛ لأن زمن القوامة قد ولى مدبرا ولم يعقب. تتوهم بذلك أنها تسعى إلى رفع مكانتها، وما علمت المسكينة أنها تئد نفسها حية، حين ينتهي الأمر بها إلى أن تمسى كغرارة ملقاة على الطريق لا ينظر إليها ولا يهتم بها أحد.

وليتها إذ حاربت لتمتلك زمام القوامة قد قامت بحقها وتحملت أعباءها،إذن لهان الأمر، ولكنها جاهدت حتى أمسكت به (أي بزمام القوامة).. فلما تمكنت منه فرطت فيه أو أفلت هو من يديها؛ عجزا عن حفظه والقيام بأعبائه؛ ففسدت وأفسدت؛ إذ ما هي بالمستطيعة الإمساك به دائما، فما حرمها الله عز وجل منها إلا لما يعلم أزلا من عجزها عنه.. ولكنه التمرد على فطرة الله في الكون .

هذا مثال من انتكاس المعايير في مجتمعنا وهناك أمثلة كثيرة أخرى لعلها بيت القصيد نتحدث عنها بعد حين إن شاء الله.
يتبع

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى