تأويل الخطأ.. مختارات شعرية لـ ” نداء يونس ” تقديم: أدونيس
باريس | خاص
تأويل الخطأ ليس مجرد ديوان شعر، انها مختارات شعرية/ انطولوجيا ب 250 صفحة تم اختيارها من ثلاثة دواوين، اثنان منها صدرا وهما: “ديوان أنائيل” وبورتريه للسيد هو” أما الديوان الثالث فهو من ديوان لم يصدر قبل يحمل اسم “مرافعة لحرف العلة”، تصدر عن دار خطوط وظلال في عمان، حزيران 2021.
في هذه المختارات، الأجزاء الثلاثة، تُقْدِم نداء يونس وتُقدِّمُ تأويلاً للخطأ الذي لا يعني في هذا الشرق سوى الحب؛ مرافعة تكتب بها ومن خلالها ثنائيات متعددة الزمن والتاريخ والاحساس بالوجود والحبُ والرغبة والصوت والصمت والمعنى والعدم.
يحتفي ادونيس وهو أكبر الشعراء العرب الأحياء بهذه المختارات في مقدمة يحيي فيها نداء يونس كشاعرة وضعت بصماتها على خارطة الحداثة الشعرية العربية بقوله: ” تكشفُ نداء يونس في شِعرها عن ذلك “المحيط الأسود” الذي يغْمرُ الأرضَ الإسلاميةَ العربية؛ الفضاءُ هنا ضيقٌ على الفصولِ” ويضيف “شعرها يغالب طغيان العالم، ارضا وسماء، طالعا من قارة مطموسة، حاملا الى جانب اصدقائه: العبء الكوني”
“أنْ تقرَأ هنا” يقول أدونيس “يعني أن تَتَحركَ في أقالِيمَ تَرسِمُها خرائطُ علاقاتٍ جديدةٍ بين الكلماتِ وأشيائِها. تَرسِمُها كذلك المُخيِلةُ والصّورةُ، الصّبَوَاتُ الخلاقّةُ وأفرَاسُها الجامِحة. أنْ تقرَأ يعني أن تَجريَ في هذه الخرائطِ كمثلِ ماءٍ يتفجَرُ من ينابيعَ جوفيةٍ، ويحتَضِنُ طينَ التَّكوينِ، وتجَاعيدَ المَّادة”.
منذ العنوان: “تأويل الخطأ” تدخل نداء يونس وبقوة في أعماق “الفضاء الأسود.. الذي يسميه أدونيس “أداء شعريا مفاجئا لغة وعمقا وايماءً” ويؤكد: “هكذا، تتحَولُ اللغَةُ إلى فضاءٍ تتفجَرُ فيه الرَّغبة حُرَّةً، ويتَحولُ كلُّ شيء إلى جسدٍ، ولا تَحتاجُ المادةُ إلى أجنحةٍ لكي تطير. المادةُ هي نفسُها الجناحُ”
في قصيدة نداء، يحضر الماضي والحاضر، الألم والامل، كلها في صرخة شعرية لامرأة تهز جذران كل شيء، انها تكتب الحرية بقلم حر وجدي، ترسم ملامح امرأة متمردة بجمال وغبطة وتفرد.
يمكن لنداء يونس ان تتحدث عن ابسط أشياء يومها: “حقيبة اليد، أصبع القدم، المسمار كلها بكثافة وتركيز، بحيث تسبغ عليها شاعرية كأنها مفردات جديدة حاملة لرموز وصور لا نكتشفها الا في قصيدتها.
يتزامن صدور تأويل الخطأ مع تكريم آخر مهم يأتي من العالم، من اللغة الفرنسية، حيث تصدر لها اهم مجلة شعرية في العالم “مجلة شعر la Poesie الفرنسية مجموعة مختارات شعرية كبيرة قام بترجمتها الكاتب الفرنسي من أصل جزائري محمد قاسمي، واحتفى بها رئيس تحرير مجلة شعر الشاعر الفرنسي الكبير ميشيل دوغيه Michael DeGuy.
هكذا تدخل نداء يونس الساحة العالمية للشعر من أوسع الأبواب التي يحتفي بها أهم شاعرين في لغتها واللغة الفرنسية لتحمل صوت فلسطين الى العالم.
تأتي أهمية هذا الإصدار الشعري بالنسبة للشاعرة من كونه الأكثر تمثيلا لشاعريتها، التي فرضت اسمها كشاعرة متميزة انطلقت من الذات لسبر الوجود، واختارت الجسد ليُشكلَ مُنطلقاً أو مُختبراً في بحث الشاعرة عن معنى الوجود وأسراره، وهي ليست في هذا السياق مريدة فحسب، بل هي في مقام الوصول الجمالي. انها في نصها الدائري؛ الطائر الذي يحلق وقدماه في قيد.
بخطى واثقة وواسعة تجتاز نداء يونس عالم الشعر لتشكل حضورا لافتا واعدا حاملا في طياته فلسطين/كنعان/الحب/والجمال.