رواية: ” أميرة ” للأديب المقدسي جميل السلحوت والاستفادة من التاريخ
بقلم: وفاء بياري
رواية أميرة للأديب المقدسي جميل السلحوت الصادرة عام 2014 عن دار الجندي للنشر والتوزيع في القدس…أميرة القلب فلسطين الحبيبة التي تحدث الكاتب فيها بابداع وتميز ..عن قضية شعب بأكمله …له تاريخه وحضارته المتميزة….وعراقة وأصالة تراثه…عاداته وتقاليده…طموحاته وأحلامه…حيث لم يترك جانب إلا وتحدث عنه بأسلوب أدبي مشوّق..بجذب القارئ لقراءة متواصلة…وأكثر ما لفت انتباهي في الروايه هو ابداع الكاتب في تمريره للمعلومات التاريخية من خلال قالب روائي ممتع، بعيدا كلّ البعد عن الشعور بالملل.
ركز الكاتب في روايته على مواضيع عديدة تمحورت (حول جانب من تاريخ نكبة فلسطين عام 1948) مستعرضا جوانب من تاريخ بلادنا من أيام حكم الدولة العثمانية..مرورا باتفاقية سايكس بيكو 1916ومرحلة الانتد اب البريطاني الذي مهد لاقامة وطن قومي لليهود، من خلال قراره الغاشم (وعد بلفور 1917)وقيامه بتسهيل وتشجيع الهجرات اليهودية عبر البحر الى بلادنا…وبدعم من دول الغرب الاستعمارية…وامريكا…وما نتج عن ذلك من ردة فعل من قبل شعبنا وخصوصا رجال الثورة….حيث أظهرت الرواية صورة مشرقة ومشرَفة لمرحلة جديدة من النضال الفلسطيني ضد الوجودين البريطاني واليهودي…والذي أسفر عنه وقوع العديد من الثورات الوطنية الشعبية..ومن ثم معارك ومجازر وحشية تعرض لها شعبنا الفلسطيني…أدّت نتائجها الى قرار التقسيم الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة…ومن بعدها وقوع الكارثة الكبرى…النكبة التي نتج عنها انتهاك الأرض وتشرّد الشعب، وما ألمّ به من تيه وضياع..فقر وجوع..وجع وهم.. لوعة وفقدان..غربة وتشتت.
تحدث الرواية أيضا عن شخصيات تمثل شرائح اجتماعية متفاوتة متأثرة برواسب الحكم العثماني في ذلك الوقت…تمثلت بطبقة الاقطاعيين…والفلاحين والعمال..والمثقفين.
برز في الرواية(دور مهم للمراْة في النضال )…من خلال تشجيع (سعدية) لزوجها ( عباس ) لشراء الأسلحة … ودور (مهيبة خورشيد) رئيسة جمعية الأقحوان في نشر الوعي بين النساء للمشاركة في الثورة، كما ورد في الرواية أسماء شخصيات حقيقية من أمثال الشيخ عز الدين القسام، عبد القادر الحسيني، بهجت أبو غربية، الشيخ ياسين البكري، الشيخ عبد الفتاح المزرعاوي، أحمد علي العيساوي و غيرهم من ابطال فلسطين .
تحدث الكاتب في روايته عن موضوع التمييز بين حب الأهل للذكور وتفضيلهم على الأناث مثل تفضيل (محمد عيسى ابن عباس) على شقسقته الصغيرة “أميرة” التي شعرت بدونيتها محاولة ببراءة وغيرة طفولية قتل أخيها المولود حديثا، كما تحدث عن عادات اكرام الضيف … و عادات طلب يد بنت العم الطفلة الى ابن العم المولود حديثا!
في بداية الرواية عاد بنا الكاتب الى ذلك الزمن الجميل… و الأيام الخوالي متمثلة ببساطة الحياة و العلاقات الطيبة وترابط الأسر، ومتانة النسيج الأجتماعي في ذلك الوقت.؟
أمتعنا الكاتب في ابداعه في جمال وروعة وصفه لمنزل (طاهر المحمود) وسط البيارات والحدائق الغناء، ووصفه المبدع للبلدة القديمة للقدس حيث باب العامود وسوق باب خان الزيت وسوق العطارين وغيرها… والمسجد الأقصى وكنيسة القيامة كما امتعنا بتلك الأهازيج التراثية … والحكم والأمثال الشعبية والقصائد الوطنية… كما ان الرواية أيضا لم تخلُ من النصوص الدينية التي تؤكد دائما على قدسية أرض بيت المقدس وأكتافها.
في آخر الرواية يظهر مدى اصرار الشعب الفلسطيني على الأستمرار في الحياة و حبه و تشبثه بها… بالرغم من عمق الجراح والآلام التي حلّت ولا تزال تحل به .. إلا أنه بقوة ارادته يلملم جراحه دائما، ليعود مرة اخرى ليقوى على الحياة بقوة وعزم وارادة .