الناصرية طريقنا القومي الذي يجمع ولا يفرق
زياد شليوط | شفا عمرو – الجليل – فلسطين
(أصدر الصديق الكاتب عبد الخالق أسدي، ابن قرية دير الأسد الجليلية، حديثا كتابين الأول “جمال عبد الناصر” والثاني “سيدة الغناء العربي أم كلثوم“، وجمع في كل منهما مجموعة مقالات سبق أن نشرها خلال سنوات طويلة في صحف محلية وخاصة صحيفة “الاتحاد” الحيفاوية العريقة. وقد شرفني الكاتب عبد الخالق، بكتابة مقدمة كتاب “جمال عبد الناصر” مشكورا، وفيما يلي المقدمة التي كتبتها خصيصا لكتابه، وأبارك له إصداريه الجديدين وأشد على يديه، متمنيا له العمر المديد ووافر العطاء الفكري والثقافي والسياسي).
عندما أخبرني صديقي وأخي المربي والكاتب عبد الخالق أسدي، عن قراره باصدار كتاب يضم مقالاته التي كتبها في القائد العربي الخالد جمال عبد الناصر، والذي يجمعنا معا في الفكر والعمل الميداني، فرحت بالخبر وهنأته لقراره. وعدت بذاكرتي الى المقالات التي كتبها ونشرها الأستاذ عبد الخالق على مدار سنوات طويلة، سواء في ذكرى رحيل الزعيم أو في ذكرى ميلاده أو ذكرى ثورته الخالدة ثورة 23 يوليو، وكنت أجد فيها عزاء شخصيا لي، بأن هناك من يذكر القائد الخالد ويساهم في احياء ذكره، ولا يتركني وحيدا. ولم يكن غريبا أن نلتقي واياه في ” لجنة احياء مئوية القائد الخالد جمال عبد الناصر”، التي قامت لاحياء مئوية ميلاد الزعيم، وكان الأستاذ عبد الخالق من أوائل الذين لبوا النداء وساهم في تأسيس اللجنة والمشاركة الفعالة في نشاطاتها، الى جانب الزملاء والأخوة الآخرين.
يذهب البعض الى توجيه اللوم الينا أو النقد أو السخرية أحيانا، لتمسكنا بذكرى وطريق عبد الناصر، اما بحسن نية منهم أو من منطلق ضرورة فهم خاطئ للتمسك بهذا الطريق الذي يرون فيه ماضيا فقط، وهؤلاء نناقشهم ونحاورهم، حتى لو لم نتفق معهم. أما الذين يهاجمون عبد الناصر ويعملون على تشويه صورته الناصعة بشكل متواتر ومن منطلق الحقد، فلن نلتفت اليهم ولن نناقشهم لأن منطلقاتهم عدائية تنبع من الكراهية العمياء، ولأن ادعاءاتهم وحملاتهم الظالمة فشلت ووصلت الى طريق مسدود، لذا يلجأون الى تكرار أكاذيبهم ويصدقونها هم أنفسهم ولا أحد غيرهم. فالرموز تحيا مهما تعرضت لحملات اغتيال معنوية، تهدف الى قتل وتشويه الصورة المشرقة لكوكبة من القادة الوطنيين المناضلين في العالم.
وفي كل ذكرى لعبد الناصر نتذكر ونستذكر. نتذكر القائد العربي الكبير الذي أحيا القومية العربية وحقق أول وحدة عربية حقيقية. القائد الذي جعل القضية الفلسطينية قضية شعب وحقوق وطنية وليست قضية لاجئين وحملات إغاثة. القائد الذي تصدى للاستعمار ومخططاته الخبيثة، ووجه له الضربات القاسية منها تأميم قناة السويس وبناء السد العالي. الرئيس والأب الذي أنصف الفلاحين وأنهى الاقطاع والعبودية فوزع عليهم الأراضي، ووقف الى جانب العمال فبنى لهم المصانع والمساكن وأتاح للفقراء مجانية التعليم. نستذكر أعمال ومنجزات عبد الناصر لنتعلم منها ونعمل على تطويرها. نستذكر تجربة عبد الناصر لنقف عند ايجابياتها الكثيرة وندرس سلبياتها القليلة.
من هنا فان مسؤوليتنا كبيرة في ضرورة إعادة طريق القومية، القومية التي تعتز بشعبها لكنها تحترم إرادة الشعوب الأخرى، تقوم على الإنسانية وتعزيز العيش المشترك بين مركبات مجتمعنا العربي، وبذلك نكون قد حققنا وصية القائد جمال عبد الناصر الذي دعانا الى مواصلة الطريق، مرددا أن القومية العربية ولدت قبل عبد الناصر وستبقى بعد عبد الناصر.
وهذا ما دأب عليه صديقي وأخي الكاتب عبد الخالق أسدي طوال الخمسين عاما المنصرمة، من خلال كتابةونشر مقال في المناسبة ومعانيها. واليوم يقوم بخطوة كبيرة وهامة، حيث يقوم بإصدار تلك المقالات بعد تجميعها وتشذيبها في كتاب، استمرارا وتتويجا للرسالة التي تبناها وقام بواجبه نحوها، بعد نصف قرن على رحيل الزعيم. أتمنى للصديق الكاتب أبي رامي العمر المديد ودوام العطاء الفكري والاجتماعي على طريق الناصرية، طريق الناس المخلصين لوطنهم وشعبهم وأمتهم.