أحلام تموت قبل أن يتم تأويلها
سهام الدغاري | ليبيا
وحده الله من يستطيع وضع الأمور في نصابها
ففي الحب كل الموازين مقلوبة
وكل الكرات التي نركلها لا تصل مرماها
وتلك الزفرات التي تتدافق صعوداً من صدورنا
كصغار عقارب فرت من بيوضها
تتسلق جداراً أملساً
تلتمس طريقها
لاهي تصل لتنجو ولا هي ترجع لأرحامها سالمة
إلى أن تنتهي اللعبة
طرف يستدير ليمضي وآخر مستند لذاك الجدار الأملس
يتجرع الفقد كؤوساً مترعة
مستلذاً بدبيب العقارب فوق جلده، يتساقط أهة أهة حتى آخر زفرة
أما في الحرب
أيضاً كل الموازين مقلوبة
والغاية تجعل من كل الوسائل مشروعة
فقرقعة مصارينهم وصوت بطونهم يعلو صوت ضمائرهم والكعكة سابحة في نهر من عسل
وللوصول إليها لابأس من إراقة بعض الدماء
فهذا سيروي أحشاء الأرض وسيمنح التراب طعم الليمون
قرأت هذا في بعض الكتب الدينية
اصنع من الجماجم هرماً ثم تسلقه لتصل إلى الجنة
وإن حالفك الحظ ووصلت للكعكة
لا تنسَ أن تزرع كل الحقول قطناً ثم تضرم النار
وأن تحرص جيداً على أن تُلقي لها بكل كتب التاريخ لتؤمِّن لضميرك نومة قريرة.
وفي الأحلام أيضاً
لاتستقيم الموازين ولا الرياح تهادن الأغصان
أما المعتقدات التي كنا نذود بها عن أحلامنا علاها الصدأ وسقطت من علو ألف وهم تاركة لجحافل الخيبات الرقص في ميادين الخيال الشاسعة فلم نعد نملك إلا أن ننتبذ لأنفسنا مكاناً قصيا نتوارى فيه من أعين القُبَّر المتلصصة وزعيق الغربان الشامتة
و دروب الصداقات لم تعد منبسطة
لا أعلم من أين جاءت تلك الكثبان السوداء؟ والمرتفعات التي نجدها عند مقتبل كل خطوة
والعهود التي ظلت قيد الأصابع ونحول الوفاء وبدانة الزيف وصديقاً يتقن تسديد الخيبات وشفاه ثلجية غادرها صدق القول والكثير الكثير من اللحظات المثقوبة التي لا تُسرب لنا سوى الظلم والظلام
فالحب وهم زائل والحرب لم تكن يوماً عادلة والأحلام تموت قبل أن يتم تأويلها أما الصداقة فتلك كذبة أخرى لاتستوي موازينها
وحده الله من يستطيع أن يضع الأمور
في نصابها
وحده الله