ليست فشلا أو هزيمة بل بداية أخرى

د. أحمد رفيق عوض | رام الله – فلسطين

موقفان فلسطينيان تبلورا تجاه إجراء الانتخابات في القدس المحتلة، الأول رسمي يرى بضرورة انتزاع اعتراف علني وتصريح جلي من إسرائيل ينص على إجراء الانتخابات في المدينة المقدسة ترشيحا وانتخابا ودعاية انتخابية، والثاني شعبي يرى بإمكانية انتزاع هذا الحق من خلال – الاشتباك مع الاحتلال -.

وهما رأيان لهما وجاهة، ولهما ما يبررهما أيضا، ذلك أن إسرائيل لن تتراجع عن هدية ترامب المجانية بتوحيد المدينة المحتلة والاعتراف بها عاصمة لإسرائيل، كما إن إسرائيل لن تقدم للشعب الفلسطيني هدية مجانية بتسهيل الانتخابات في ما تسميها عاصمتها، هذا من جهة أما من جهه أخرى، فإنه من الضروري أيضا بالنسبة لنا نحن الفلسطينيين أن نعمل على كسر هذا الوهم وإنهاء صفقة ترامب بالكامل عندما تجري الانتخابات دون إذن أو تصريح من إسرائيل.

إن الأمر لا يبدو كذريعة للتخلص من نتائج الانتخابات أو التخوف منها، رغم أن هناك نصائح بعدم إجرائها قُدِّمت من أصدقاء وحلفاء، وهناك تهديدات سمعت من إسرائيل عندما قالت على لسان بعض مسؤوليها إن نتائج الانتخابات قد تؤدي إلى تدهور أمني أو قطع للتمويل أو قطع للعلاقة، وهذا تهديد حقيقي وتدخل سافر في العملية الديمقراطية الفلسطينية.

ولكن هذا لا يستوقفنا، فالديمقراطية كما يفهمها المستعمر هي أن نقبله وأن نسترضيه وأن نحميه وأن نكون على مقاسه ومقاس مصالحه ورؤيته.

أقول إن الأمر لا يبدو كذريعة رغم كل ما سبق، لأن عدم إجراء الانتخابات في القدس له مخاطر سياسية وقانونية ومستقبلية جسيمة، ولكن تأجيل الانتخابات من جهة أخرى له مخاطر كبيرة قد تكون أكبر من المتوقع.

ولهذا، أقول إنه في حالة تأجيل الانتخابات – تحت أية مسميات أو أية ذرائع – سيؤدي إلى حالة فراغ كبيرة لا بد من الإسراع لملئها.

فالتأجيل قد يؤدي إلى التشظي والتفكك وتبادل الاتهامات واندلاع الجدل والتراشق وقد يؤدي ذلك إلى عنف داخلي، والأهم من ذلك أيضا هو تحطم الصورة وخلخلة النموذج الذي نريده ونصبوا إليه.

ملء – الفراغ في حالة التأجيل – يستدعي التفكير بالسيناريوهات المتعددة، ابتداءا من مجلس فلسطيني تأسيسي كما اقترح الأخ وليد العوض، إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية مرورا بأية صيغة توافقية تمنع المواجهة وتعطل الانقسام أو الانفصال.

قرار التأجيل يجب أن يكون قرارا توافقيا حتى لا ينفرط العقد وحتى لا تذهب ريحنا وأحلامنا وصورتنا و وجودنا أيضا.

المحتل يريدنا أن نظل مجرد عصابات وميليشيات أو دولة عشائر كمإ الهزيمة أو الفشل، بل أن يكون خطوة باتجاه النجاح والوحدة والمستقبل الواعد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى