الخطيئة الأولى للإنسان
رحاب يوسف | قاصة وكاتبة تربوية – فلسطين
قال الرسول – صلى الله عليه وسلم – “استعينوا على قضاء حوائجكم بالكتمان “اكتم واستر ما تنوي القيام به حتى لا تهيّج الحسد بفعل كذا وكذا، وكان النبي يؤكد أن الحسد له تاثير، فبعض الناس يؤدي به الحسد إلى البغي، فيبدأ بتشويه عرض المحسود، فهذا بلاء يلحق صاحبه بالشياطين، فالخبء والإظهار في قضية الأعمال الصالحة يدخلك في زمرة المصدقين والمستغفرين بالأسحار ، والذين وجلت قلوبهم، فحين تخبر الناس بهذه النعوت دخلت في نعوت المرائي في نظرهم، فلا تستبدل الذي أدنى بالذي خير، وابحث عن منزلتك ولقبِك عند الله، ارزنْ، اكتمْ، فالمؤمن رزين ليس بمذياع، يقول ابن الجوزي: “استر عن الناس ثلاثا: ذهبك، وذهابك، ومذهبك، أي أموالك وخططك في الحياة وأعمالك، وذهابك ومجيئك وطاعاتك، ولو سألك سائل علّمه ترك الفضل، والمؤمن المهذب لا يسأل عن أسرار الناس.
أول معصية وقعت في السماء كانت بسبب الحسد، عندما أمر الله -سبحانه وتعالى- إبليس أن يسجد لآدم، حسده ورفض ظنا منه أنه أفضل قال تعالى: “خلقتني من نار وخلقته من طين“ (الأعراف : 12)
أغلب الأسئلة التي يسألها الحاسد لنفسه هي: كيف يحصل فلان على منصب وأنا لا؟ وكيف يتميز بعمله وأنا لا؟ وكيف يبدع وينجح في حياته وأنا لا؟ عندما نزل آدم على الأرض، ونزلت معه حواء، وأنجبوا، وحصل تقاتل بنيهما على الأخت الأجمل، احتكما إلى أبيهما آدم، فأمرهما بتقديم قربان لله، والذي يُتقبَل منه يتزوج الأخت الأجمل، فقال لهما الأمر عند الله، فجاء قابيل وكان مزارعا، وقرّب أسوأ سنبلة، أما هابيل فكان راعيا وقرّب أفضل شاة، فجاءت النار وأخذت الشاة علامة قبول من الله، وإذا بقابيل يحصد هابيل حسداً قال الله تعالى: “واتل نبا ابني آدم بالحق إذ قرّبا قربانا فتقبل من أحدهما ولم يتقبل من الآخر” المائدة 27، فازداد الحسد في نفس قابيل إلى أن قتل هابيل، قال تعالى: “فأصبح من الخاسرين”المائدة 30، وهذا كله من الحسد، وأغلب الحسد اليوم بين الموظفين والطلاب والجيران، وبين الزوجات والأولاد العلماء والمتشابهين في العمل والتخصص، واعلم أن كل شي قد كُتب، رفعت الأقلام وجفت الصحف.
أما الذي يعترض على شخص ما لأن الله خَصّه بنعمة ما، كأنه يعترض على قدر الله – سبحانه وتعالى – فمنْ أنعمَ الله عليه نِعَماً لا يذكرها عند الناس، قال تعالى: ”إن كل ذي نعمة محسود“ فبعض النفوس تغلي صدورها مما عند غيرهم، ويخبرنا الله – سبحانه وتعالى – أن الحسد شر، فقال الله عز وجل “ومن شر حاسد إذا حسد “.
أمرنا الرسول – صلى الله عليه وسلم – أن نردد الأذكار صباح مساء، وأن نرقي أنفسنا، فالبعض نفسه خبيثة، والحاسد يتمنى زوال النعم عن أخيه، والعين حق كالسهم تصيب وقد لا تصيب، فاستعذ بقراءة القرآن.
وأثر العين في البشر على الصحة، والأطفال، والمال، فكل الأنبياء تعوذوا من العين، وخيرُ مثال على ذلك سيدنا يعقوب حين أراد أن يصرفه عن أبنائه، قال تعالى: “وَقَالَ يَا بَنِيَّ لَا تَدْخُلُوا مِن بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوَابٍ مُّتَفَرِّقَةٍ ۖ وَمَا أُغْنِي عَنكُم مِّنَ اللَّهِ مِن شَيْءٍ ۖ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ ۖ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ” يوسف 67
ارض بما قسمه الله لك، واسأل الله من فضله، فالعطاء عطاؤه، قل: “تبارك الله، ماشاءالله” عندما ترى نعمةً على أخيك المسلم، فستجد خيراً، فالأرزاق يقسمها الله بعدله، قال تعالى “أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ ۚ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُم مَّعِيشَتَهُمْ فِى ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا ۚ وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍۢ دَرَجَٰتٍۢ لِّيَتَّخِذَ بَعْضُهُم بَعْضًا سُخْرِيًّا ۗ وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ” الزخرف 32
اطلب الرحمة من الله ، فرحمة الله عليك خير من كل المتع والملذات التي يتنافس عليها المتنافسون.