الشعر لا يموت
نداء يونس | فلسطين
ـ ما هو شعور الشاعر المبدع وهو يقرأ يوميا عن ” موت الشعر” وازدهار الرواية والسرد؟
لا أرى موت الشعر بل موت القارئ، علي هنا أن أضيف أنني لا أؤمن بما يقال عن نخبوية الشعر فهو كأي حقل معرفي يحتاج فهمه إلى قارئ مطلع ونخبوي أحيانا حتى يمكنه فكفكة الدوال ومدلولاتها الجديدة والعلاقات التي تحيل إليها الأشياء واستدعاء المعرفة لفهم إعادة كتابة الواقع.
إن التحول الذي تنحى إليه مجتمعاتنا في ظل ما بعد الحداثة إلى الاستعراض والفرجة والاستهلاك السطحي لكل شيء، ينعكس سلبا على قدرة القارئ على التفكيك: تفكيك البنى والصور والأساطير والإحالات والقفز من السطحي إلى المعنى الأعمق والاتصال بعوالم أبعد من اليومي والمتاح، كما أنه يقتل المخيال كما تقتل مرحلة ما بعد الحداثة كافة المرجعيات والروابط المؤسِسَة، بالتالي، يصبح من الطبيعي أن يرتاح القارئ مع النص المباشر الأقل قدرة على التحليق والأقل تكلفة في الفهم والاستعداد للتلقي دون متطلبات معرفية أو شعورية.
الأمر صار ظاهرة حتى في السلك التعليمي إذ يلجأ الطلبة إلى التلخيصات للملخص الذي يتم انتقاؤه أصلا وفرضه وللإجابات الجاهزة.
الشعر تمرين في التكثيف بينما السرد تمرين في الكلام، وهذا ما يقدم براهين على أن المجتمعات البشرية تعود إلى مجتمعات القبائل الأولى، مجتمعات السمعي والصوتي، لكنها القبيلة الرقمية الآن ما يتداول المعرفة بقدر أقل من التخييل وقدر أكبر من الإثارة والتوتر والاستهلاكية التي يتميز بها السرد سواء الإعلامي أو الروائي.