ويبقى الوطن
د. حسن محمد العمراني | مصر
(إلى العروس الفلسطينية الشهيدة: شيماء أبو العوف)
دعوني
أجوبُ بقاع الوطن
وأنبشُ كل الحدودِ
وأمسحُ من طوق رأسي
حطام المدن
فقد ماتتْ اليومَ شيماءُ
دُونَ انبلاج الصباحِ
وما زِلْتُ عنها أقصُّ الوجوهَ
وبين الأصابعِ
ينسَلُّ مني
ويسقط سهواً
قميصُ الكفن
فقد مات حلمٌ جديدٌ
تولَّى
ووجه تجلَّى
وخالف كل بنود الرحيلِ
وكل طقوس الزمن
فمن يرتقُ النبضَ
فى القلب غضاً
وما زال ينطقُ
بالحب وصلاً
وشيماء غابتْ
عن الناظرين
ودكَّ الفؤادَ
دبيبُ الوَهَن
ومَن ينصبُ الدار ثانيةً
من ركام الحصى
ويجمع ما قد تبعثرَ
من ماء كل الوجوهِ
ويحتاكُ خارطةً
من بقايا البيوتِ
وبئراً
وبعضَ الجرارِ
وبعضَ الخيامِ
وبعضَ المؤن
ومَن يضربُ الآن
حول الجوار سياجاً
ولافتةً تسترقُّ فؤاد العدوِ
وتُعمى القلوبَ
عن القابعين
بهذا السكن
فقد غابت اليوم شيماءُ
أوْ قُلْ محمدُ
رازانُ
بَلْ أشرقت
ثم تأتي وفاءٌ
ورهفٌٌ
وحبةُ عين الثكالى
من الأمهاتِ
ودرَّةُ مَن قد تَلظَّى
بنيران هذا الكيانِ العَفِن
فلا تستثيروا الغبارَ
على وجه شيماءَ
قهراً
فقد ضَرَبَتْ موعداً للقاءِ
وقد خبَّرتني مراراً
بأنِّي مُرافقها في عدن
وقد نبأتني بأنَّ العصافيرَ
سوف تعود بِطاناً
وتمرح طوعاً
على قبة المعتدين
وتمطرهم بالمحن
فلا تحرموني
وداعاً أخيراً
فقد يَصْدُقُ الوعدُ
بين الأخلة
والصبح يأتي
بما يُثلج الصدرَ
حتى تَقَرَّ الجفونُ
وتمسح عن كاحليها
دموع الحَزَن.