حديث مجانين
علاء راضي الزاملي | العراق
رأيته واقفا بشموخ، كنخلة عراقية، بملابس رثة لكنها توحي للناظر بأناقة قديمة وذوق باذخ، حتى لحيته البيضاء التي أطلقها كانت بألوان باهته بيضاء سوداء وصفراء، كان ينظر للمارة، والجميع يبتعدون عنه، قائلين بحسرة: أصابه الجنون ولم يشف بعد!
اقتربت منه وبادرته بابتسامة خجوله، قائلا: ما لهذه النظرات للآخرين؟ تنظر بأسف لهم؛ لكنهم يشفقون عليك
بل يتعاطفون معك.
أجابني بعد صمت كنت أظنه سيذهب ويتركني بلهفة السؤال، قال: الكل مجانين يا صاحبي لم يستطع أي فرد منهم أن يفكر!! ومن لا يفكر أسوأ درجة من المجنون لأنهم ببساطة شديدة جعلوا حب الذات من الأولويات دون طموح ولم ينظروا يوما لأنفسهم التي تتجسد فيها صور الحقد والحسد والغيرة والشهوة لأي شيء كان أو لم يكن، هل تساءلوا يوما عن غاية الوجود؟ هل تساءلوا عن الغاية من الخلق؟ ثم هل يعرفون الحب؟
لا أظنهم كذلك لأن الرغبة في أجسادهم هي أسمى عناوين الحب!
دعني يا صاحبي أتكيء على جناح الوجع وأمتطي صهوة العشق والهيام
دعني أطرق نوافذ الوجود لأطير بأجنحة من دخان حيث الملكوت !
تسمرت في مكاني وقد أصاب الشلل حروفي !
نظر لي مبتسما، وتركني حائرا، أتمتم ليتني مجنون.