تحسين يقين.. كاتب وناقد مثقف من النخب والطرز الأول
محمد زحايكة | جبل المكبر- القدس – فلسطين
على ذمة ذاكرة الصاحب التي بدأت تعاني من رياح الزهمرة.. فإن لقاءات عابرة جمعته بالكاتب والمثقف الجاد والمتميز تحسين يقين، معظمها كان في ردهات المسرح الوطني الفلسطيني الحكواتي، إذا لم تخن الذاكرة الصاحب اللاهب.. ومن خلال دردشات معينة ومتقطعة في الشأن المسرحي والثقافي العام ، كون الصاحب فكرة عامة وسريعة عن هذا الكاتب والمثقف الموسوعي الذي تغص كتاباته النقدية والسردية باشارات وصور تدل على ” فحولة ثقافية ” معتقة وعابرة للحدود .
ولا يدري الصاحب إذا كانت معلومة قد رسخت في راسه وذهنه ، تعود اليه أم لا ، وهي انه أتى في زمن ما ، على الف أو ثلاثة آلاف كتاب خلال مدة اسره في سجون الاحتلال وخارجها وإن ثقافته حصيلة لهذا الكم الهائل من المطالعة والقراءات المتعمقةَ في شتى التخصصات. وكان الصاحب يتابع كتابات الناقد يقين في الصحافة المحلية وخاصة في جريدة الأيام، فيلمس عمق وسلاسة التحليلات النقدية البناءة التي تتطرق إلى تفاصيل العمل الفني أو الثقافي” المنقود” وفق نهج تحليلي علمي فيه ابتكار ومشحون بمعلومات طازجة وموشى بأساليب النقد الحديثة .
والحديث مع الكاتب والناقد يقين فيه تشويق لانه مطلع وجعبته مكتظة بمعلومات غزيرة تلامس معظم جوانب الحياة ومبنية على النهل من ينابيع الفكر العالمي وليس فقط المحلي والعربي وهو كاتب متذوق ومتفاعل مع مختلف ألوان واصناف الإبداع الفني والادبي ولديه القدرة التعبيرية على تشريح المنتج الثقافي والفني بمبضعه الدقيق والحساس بكل حرفية ومهنية عالية.
وَنظرا لتجربة الصاحب المحدودة مع هذا المثقف الرزين شديد التواضع بشخصيته الهادئة الدمثة والمحبة، وبهية الطالع التي تتنقل بخفة وأريحية وكأنها نسمات عليلة تفيض امتاعا وسحرا، فإن الصاحب يعتبر غير محظوظ لعدم تمكنه من التواصل الحثيث عن قرب مع هذه القامة النقدية العالية التي تكتب بنسغ القلب والمشاعر الإنسانية الجياشة .
وفيما يتراءي للصاحب، يواصل تحسين يقين اطلالاته الإبداعية في أكثر من مسار من أبرزها عالم الطفل الذي يسعى إلى إكسابه المعارف والملكات والمهارات من خلال أساليب تعليم غاية في الابتكار والإبداع بعيدا عن الأنماط التقليدية التلقينية الهشة التي تفرز لنا أجيالا شبه مشوهة وتكاد تكون مغيبة وضائعة وتائهة في تجسيد مهماتها الاصيلة في حمل رسالة التطور والتنوير.
المبدع تحسين يقين سواء كان يحوز على لقب دكتوراه أم لا في هذه المرحلة، هو حالة فريدة من المبدعين الذين نموا ثقافتهم بما نصفه بالتثقيف الذاتي كما يهيأ للصاحب نظرا للظروف الصعبة التي مر بها في ظل الاحتلال وكذلك شقيقه على ما اعتقد د. سعيد يقين أحد أركان وزارة القدس المهمة والذي حصل معه موقف لا ينسى يخص الصاحب في قرية بيت دقو شمال غرب القدس مسقط رأس ” اليقينين الجميلين” حيث صادر الشباب في أوج الانتفاضة الأولى بطاقات الصحافة لبعض الصحفيين الأجانب الذين كانوا برفقة الصاحب، بما فيها بطاقة الصاحب اللاهب بسبب ظروف معقدة وشكوك حول طريقة اقتحام جيش الاحتلال القرية وحدوث اشتباكات عنيفة وقتها بعدما راقبت قوات الاحتلال بمروحية من السماء سيارات الصحافة وهي تندفع الى القرية فحاصرتها علي الفور، ليقوم سعيد يقين بإعادة البطاقات الصحفية مع اعتذار عن سوء الفهم هذا، وكانت أيام جميلة ومثيرة رغم مخاطرها ومتاعبها الكثيرة .
تحسين يقين.. علامة مشرقة في سفر الإبداع الكتابي والثقافي الفلسطيني، كان وما زال يسن قلمه بجراة الناقد العارف لدوره في التوعية وتصدير ذخيرة من المعارف لأبناء وبنات شعبه والطامح إلى حياة أجمل وإلى ثقافة أشمل.. فالثقافة من منظوره هي خط الدفاع الأول والأخير عن هوية وحضارة اي شعب يطمح ويناضل من أجل الحرية والاستقلال وإلى أن يكون له مكان محترم ومقدر تحت الشمس .
من الضروري ان نشيد بعطاء هذا المبدع المتألق.. وأن نرفع القبعة تحية إجلال وإكرام له ولأمثاله من المبدعين في حقل الكلمة الواعية الذكية.. فإنه في البدء كانت الكلمة .