بحرٌ وحجرٌ
محمود ريّان | فلسطين
ها قد وَلجْنا عبرَ مفتاحِ القَدَرْ
وجرى فؤادي لِلهَوى مُتشَفِّعًا…
بالبحرِ صارَ لنا سفينًا هادرًا…
لا شيءَ يُهديهِ لنا الموجُ المُتاخمُ للحدودِ
وإنْ نجا من غيهبِ الأمسِ اللّعينْ…
لمَ صِرتَ يا بحرُ مَزادًا للصّراعْ!
غيّبْتَ موتي في مساحاتِ الهديرْ…
وأنا أنا لِلعزْفِ قد أُفني ضياعَ الأمنياتْ…
خلفَ المرايا والظّلالْ…
لكنْ لِبحرٍ ساكنٍ رسمُ الفؤادْ…
يُمليهِ في الأمواجِ والأفلاكِ حتّى
يُشْهِرَ الموتُ الحِدادْ…
لا شيءَ يرفعُهُ هناكَ البحرُ لي…
وتكسّرَ الموجُ غريبًا عن رحابِ سعادَتي…
حتّى أرى أشباهَ وعْدٍ بينَ أمواجِ الغمامْ…
لا وقْتَ لِلبحرِ المُزاحمِ للسّفُنْ…
موّالُ صَبري صارَ حقنًا للدّماءْ
فوقَ المساحاتِ الّتي أوْرَثتُها للبحرِ
من عهدِ الأُلى خطُّوا البيانْ…
وتمسّكوا ذاكَ الحَجرْ…
من عهدِ كنعانَ العظيم…
يا بحرُ كنْ كالسّهمِ ينفذُ من أنايْ…
لعراكِ نجمٍ من تهاليلِ السّماءْ!
ما أنت إلّا نيزكٌ تحتَ الأُفُقْ
متهدِّلًا برؤًى برسمٍ من حجرْ!
البحرُ في مسعاهُ صارَ موانئًا لِلعافيةْ…
فيه اِنبَرى النّاسُ يزورونَ المكانْ…
الشّعرُ فيهِ مجالُ غُنمٍ لِلخيالْ
نايي توحّدَ في مساحاتِ التجلّي للبحارْ…
لمّا ولَجنا سِفرَ عشقٍ من زمانْ…
هامَ الحجَرْ!
وتفتّقَ الحجرُ إلى ماءٍ وَعَينْ…
قدْ صارَ أمرًا قدْ قُدِرْ…
والبحرُ مُفتَرِشُ السَّفرْ
قد صارَ إعجازَ العَصا..
في وقتِ عجْزِ الأوفياءْ…
عنْ رأبِ صدْعٍ قد قُهِرْ…
لم يبقَ إلّا وعدُ ربّي للوَرى؛
كي تنفضَ الدّهماءُ عنّي دهمَها…
هذا الهديلُ صارَ صنوي في التّمامْ
هذا الهديلُ من هناك…
ذَكرُ الحَمامِ لِلونِ معرِفتي هنا…
ويئنُّ في رؤيايَ وجْعُ الأنبياءْ..
هذي القصيدةُ لي لأصحو مِن سُباتْ!
لا بابَ يُغلقُهُ عليَّ اَلبحرُ…لا
أبقى بخاصرةِ المدى، بينَ الرّدى مُتوحِّدًا:
ما أطيبَ العيشَ الّذي قد كان لو أنّ الفتى
حجرٌ… حجرْ…
البحرُ مِن وعدي ومِن مُستَنْقَعي…
لا شيءَ للبحرِ الّذي
قد هاجَ هذا الاِهتياجْ…
فالبحرُ لي…
منّي على مَرمى حَجرْ…
لا لنْ يحورْ…
كلُّ الّذينَ أتَوا بقُوا همسَ البحارْ…
كلَّ الدّهورْ…