ماتَ المَلِكُ (الطاغية)

فايز حميدي | السويد 

كانَ سَعيداً .. يَنعِمُ بسلامِ الأُمسياتِ الجَميلةِ.. أُقيمت على شَرفهِ حَفلةٌ راقصةٌ، سَكِرتْ حاشيتهُ من خَمرةِ الانتصارِ العابرِ الذي كانَ بِنكهةِ الهَزيمة..
دَعوهُ للرقصِ..
رَقصَ حتى اضطرَ للجلوسِ في وَسطِ الحَلبةِ على الأرضِ مُجهداً وَمُهدماً…
أصابتهُ وَمضةُ إغماءٍ ، هاجمهُ الشُعورُ بالفناءِ، بَدأَ يَسمعُ حَفيفَ أجنِحةَ المَوت، شعرَ وكأنهُ سَقطَ في هوةٍ مُظلمةٍ وَعميقةٍ..
سارعَ أحدُ كِبارِ قادتهُ قائلاً:
ماتَ الملكُ..
في تلكَ المَقبرةُ الغافيةُ على كتفِ المَدينةِ والأقربُ إليَّها، كانتْ الآلاف مِنَ الجِثثِ تَخرجُ من قُبورِها، وتصطفُ وَتتزاحمُ إلى جانبِ سورِ المَقبرةِ الداخليةِ، وَتُسارعُ إلى إغلاقِ بَوابتِها …وَتشي للناظرِ بِطرحِ الأسئلةُ الكُبرى، وتحملُ مَعولِها مُهدمةً أجوبتِها القَديمةُ..
قالَ كبيرُ ضَحايا المَلكُ (الزَعِيمُ):
نحنُ ولِدنا لِنحيا وَنحنُ نموتُ ..وأنتَ ولدتُ لِتموتَ وأنتَ تَحيا..
في ظَاهرِ المَدينةِ..
قالَ الشابُ الذي لم يَبحْ بآلامهِ بصوتٍ رَصينٍ ومُنفعل، رَنَّ في الليلِ الباردِ:
إنَّ التَعقلَ الحقيرَ الذي تَشُدّنا إليهِ عُبوديةَ الحياةَ الحاضرةَ.. مَرضاً مُزمِناً..
كانت المنازلُ مُعتمةً تَبدو كلطخةً سوْداءُ.
وفي مَكانٍ ما، كانَ ثُمة كلبٍ يَنبحُ ، وَبقرةً تَخورُ، وأصواتُ قِيثارةٍ مَرحةٍ، وهي تتدفقُ كمياهٍ عابثةٍ..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى