نهوض مجتمعنا منوط بتغيير ثقافته السائدة
بقلم: شاكر فريد حسن
مجتمعنا العربي مليء بالتناقضات، يعاني الانفصام، وتسيطر عليه الثقافة الاستهلاكية الوافدة. ونحن أمة غير مبدعة، وإنما مقلدة، تسرق التطور وتنقل الأفكار ولا تساهم في إنتاجها.
أصبحنا نمارس القتل في ضوء النهار، في الشوارع والساحات وعلى مداخل المنازل والبيوت، ونباهي به الأمم والمجتمعات الغربية.
تعودنا على لغة الدم ورائحة العنف الذي يستشري كالسرطان في الجسد، والنار في الهشيم، وصار الواحد يقتل عنوة على مرمى وسمع الناس، ولا حياة لمن تنادي. الآذان صماء، لا تصغي للصرخات والدعوات والمظاهرات والاحتجاجات أن كفى، وليتوقف سفك الدماء، وموت الشباب وهم في مقتبل العمر وعمر الورود. فالقتل صار عادة، وسلوك يومي، والدم وسادة يغفو عليها من يتحكمون بحياتنا.
الحب في مجتمعنا حرام وممنوع، والحرية خطيئة، والقتل شرف، والسرقة والكذب والنفاق حنكة، والتعدي على الملك العام شطارة.
مجتمعنا ذكوري بامتياز، استبدادي، قهري، يميز بين الرجل والمرأة، يهين نساءه، يرفع الساقط، لا يقدر المثقف، ولا يحترم المبدع، يكرم من لا يستحق التكريم، ويتجاهل من يستحقه.
مجتمعتا بكل بساطة جعل المال غاية لا وسيلة في جميع مفاصل الحياة.
حقًا، لقد فقدنا القيم والأخلاق، وبتنا نفاخر بالسيارات والجيبات وشمات الهوا والسفر إلى الخارج، ولا يهم بالديون طويلة الأمد والشيكات والأقساط الشهرية، وكل ذلك حبًا في الفشخرة الكاذبة، والمظاهر الزائفة، و”شوفوني يا ناس”.
كم نحن بحاجة إلى إعادة النظر في مفاهيمنا وعاداتنا الاجتماعية، ونشر الثقافة والتثقيف والتربية الصحيحة والسليمة. فبالثقافة والتثقيف والتربية الصحيحة والسليمة القيمية، وبالعلم والتنوير نقضي على العنف والقتل، ونؤسس للمجتمع المدني الديمقراطي التعددي الحضاري، الذي يحترم الرأي الآخر وثقافة الاختلاف، وبالأخلاق والقيم نصنع أجيال الغد والمستقبل. فبدون إحداث تغيير ثقافي نوعي وجذري في المجتمع، وبدون التخلص من كل الظواهر السلبية المدمرة، لن تتحقق التنمية والنهضة الشاملة المنشودة.
وذلك يتطلب مشروع ثقافي وطني وسياسي واجتماعي تنويري وترشيدي، تشارك فيه كل الأحزاب ومؤسسات المجتمع المدني ورجال الدين وأئمة المساجد ورجالات التربية والتعليم والأدب والثقافة، كلّ في مجال عمله واختصاصه.