حوار عالم الثقافة: القاص العراقي علي السباعي والإعلامية المصرية نعمات مدحت (وجها لوجه)

علي السباعي. . كاتب قصة قصيرة حقيقي عُرف عنه حساسيته الشديدة بالنسبة إلى النشازات الحاصلة في كل شيء هذه الأيام ، كما وعُرف بما أبدع من قصص بعلامتين الأولى: لديه ما يقوله، والثانية: يعرف كيف يقول، فالأولى ضمنت له التفرد كونه يرى العالم بعينين متفردتين به لا يشاركه الآخرون النظر فيها، والأمر الثاني جعلنا نراه مختلفاً عما يراه الآخرون فكان لنا معه هذا الحوار:-

***

س 1 / حدثنا عن وضع الكتابة والكتاب الآن؟

ج 1 / ذات طفولة قذفت الأقدار بيدي صورة بالأسود والأبيض تسكنني حتى الآن: (العراقيون يسحلون جثة الباشا نوري سعيد). منذها والعراقيون يركضون في الشوارع يمارسون السحل بلا تبصر ويحطمون الزجاج والأبواب والأقفال وكل شيء أمامهم في فوضى تكتنفها الفظاعة وتخلو من الرحمة. تلك هي صورنا، وتلك هي أحوالنا منذ أول الأشياء التافهة حتى أعظمها؛ من ماضينا حتى حاضرها.مهما كتبنا ومهما نكتب. لا شيء يتغير. تلك الحوادث التي نمر بها وتمر علينا لا تجعلنا ننظر إلى أنفسنا من الخارج للأسف!

***

س 2 / أخبرنا عن دوافع بدايتك مع رحلة الكتابة الطويلة في درب القصة القصيرة؟

ج 2 /  جاءت كتاباتي القصصية احتجاجاً على حماقات الساسة في حروبهم الدموية التي مر بها الإنسان العراقي التي خلفت ندوباً زالت أسبابها إلا أن آثار تلك المحن ماثلة في الذهن، تزيد حياتنا قتامة.

***

س 3 / كتاباتك الإبداعية السابقة: ( إيقاعات الزمن الراقص، زليخات يوسف، بنات الخائبات، مدونات أرملة جندي مجهول، مسلة الأحزان السومرية، وألواح من وصايا الجد ) . . كيف تلخصها لنا؟ وقراء( علي السباعي ) في شوق لمعرفة أعماله الأدبية الجديدة؟

ج 3 /  يمكنني أن ألخص ما كتبته؛ إنها العين الراصدة لتحولات المجتمع العراقي خلال الفترة التي عشتها داخله بجسد يتألم سعيت فيه جاهداً بروح ازدهرت بوعي الكتابة عن تاريخ آلامه التي لا تنتهي، وحتى تنطفئ شمعتي الوجيزة سأبقى أكتب عن حياتنا العراقية مثلي مثل أي ممثل مسكين أخلص لروحه يؤدي دوره المنوط به في مسرحية الحياة.

صورة ( يس ) قلب القرآن الكريم ، وجديدي الذي أحتج به تحت الأضواء الساطعة على خشبة مسرح الحياة العراقية : مجموعة قصصية عن بغداد قلب العراق.

***

س 4 / هل لك أن توضح لنا أوضاع الأدب عندكم؟

ج 4 /  نحن نبدع في عالم أصبح قرية صغيرة لنحافظ على ملامح عراقنا الأصيل، وكل إبداعاتنا هي محاولات لرد الجميل لعراقنا الجريح.

***

س 5 / كيف تعامل الكتاب من وجهة نظرك مع الأزمات الصحية والأوبئة؟

ج 5 / عموم الكتابة تستمد روحها وعناصرها الإبداعية من الواقع الذي تترجمه كتابات مبدعيها بمختلف أجناسها، ولها تاريخها الطويل في الاستقاء من واقعها الذي نهل كتابها منه قصصهم ليتناولوا قطاعاً عريضاً من الحياة خلال جوائح تلك الأوبئة بمحاولات جادة وحريصة وصادقة لإضاءة جوانبها بمعالجة نماذج إنسانية من خلال رصد حركات الناس خلال تلك الأوبئة والأزمات وما يصدر من سراجها من موقف تستشف منها أثراً أو انطباعاً يتغلغل في وجدان القارئ.

***

س 6 /   هل ثمة أعمال أدبية تناولت الأوبئة تذكرها للقراء؟

ج 6 /   نعم. أبدأوها بأول رائدة  رواية الوباء “ماري شيلي” ، بروايتها الموسومة: (الإنسان الأخير)، وكتب الأديب والكاتب المسرحي: “وليام شكسبير” . . مجموعة من أفضل أعماله خلال الطاعون الذي ضرب بريطانيا نهاية القرن 16م، وصمم فنان عصر النهضة الإيطالي: “ليوناردو دافنشي” أفكاره عن تصميم مدينة حديثة ذات تخطيط يركز على النظافة والكفاءة من الوباء الذي ضرب مدينة ميلانو شمال إيطاليا نهاية القرن 15 م، ورواية: (الديكاميرون) لـ: “جيوفاني بوكاتشيو “، ورواية: (فرانكشتاين) ، لـ: ” ماري شيلي “، ورواية: (المحطة الحادية عشرة) للروائية: ” إيميلي سانت جون مانديل ” تدور أحداثها على وباء: ((الإنفلونزا الجورجية))، وكذلك رواية: (الوباء الوردي)، للروائي: “جاك لندن “، ورواية: (الموت الأحمر)،  للساحر الكبير: ” إدغار آلن بو “، ورواية: (الطاعون) للروائي الفذ: ” ألبير كامي”، ورواية: (الحب في زمن الكوليرا) لعبقري الرواية العالمية الخلاق: “غابرييل غارسيا ماركيز”، ورواية: (المبعدون) للروائي: “أوجين سباهيتش ” . . من جمهورية الجبل الأسود بعد انهيار يوغسلافيا السابقة وهي تتحدث عن مستعمرة الجذام والطغيان برومانيا.

***

س 7  / علي السباعي. . ختاماً:  كل ما ذكرته هل يجعلنا ننظر إلى أنفسنا من الخارج؟

ج 7 / سميح القاسم يهدج بصدق وعذوبة: ” أن المحب الصادق لا يستطيع ممارسة الكذب على المحبوب ” . . بصدق أخبرك بحكاية خرافية ذات مغزى ذكرها الكاتب اليوناني” إيسوب ” على ألسنة الحيوانات تقول: أن ضفدعاً صغيراً جداً كان يشارك ثوراً ضخماً في امتلاك حقلٍ من الحقول. أراد الضفدع المسكين أن يجذب انتباه الثور إليه ينفخ نفسه إلى أعلى وفشل الثور في أن يلاحظ ذلك. حاول الضفدع مرة أخرى أستمر الثور في تجاهله. وأخيراً نفخ الضفدع نفسه بقوة إلى أن أنفجر ولكن الثور مع ذلك لم يلاحظ ما حدث. للأسف كل ما دونته لا يجعلنا ننظر إلى أنفسنا من الخارج.

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى