الأكاديمي اللغوي صبري إبراهيم السيد عاش في هدوء .. ورحل في هدوء
بقلم أ.د/ محمد عبد السلام أبو خزيم
الرئيس الأسبق لقسم اللغة العربية
بكلية البنات جامعة عين شمس
لعل أبلغ وصف يمكن أن يطلق على الأكاديمي اللغوي الراحل صبري إبراهيم السيد (1952-2021) أنه عاش حياته في هدوء، ورحل في هدوء، فلم تكن تركيبته النفسية أو الاجتماعية تجنح إلى الصخب أو الضجيج أو التهليل الإعلامي، ولكن كان يؤثر العمل الذي يجيده في صمت وهدوء.
ولد الدكتور صبري إبراهيم في الثامن عشر من مارس 1952 بالقاهرة، وتخرج في كلية الآداب جامعة عين شمس قسم اللغة العربية وآدابها عام 1974، وعين معيدا في كلية البنات جامعة عين شمس عام 1975 في تخصص العلوم اللغوية، وحصل منها على درجة الدكتوراه عام 1982، وتدرج في الوظائف الأكاديمية حتى حصل على درجة الأستاذية في الخامس والعشرين من شهر مارس 1996 يعني ما يزيد على ربع قرن.
وشخصية الدكتور صبري إبراهيم شخصية جادة منظمة، واعية بما يعمله، يغوص في التفاصيل الدقيقة لما يسند إليه، وبدا هذا واضحا وضوحا لا تخطئه عين في الأعمال الإدارية التي تولاها، فقد تقلد رئاسة قسم اللغة العربية وآدابها بكلية البنات جامعة عين شمس في الفترة من يناير 2001 حتى يوليو 2004، ووكالةكلية البنات لشؤون التعليم والطلاب في الفترة من يوليو 2004 حتى يوليو 2007.
وتعد هذه السنوات فترة خصبة للقسم والكلية فقد واصل الليل بالنهار لإحداث منظومة إدارية فاعلة يشهد بها القاصي والداني والغريم قبل الصديق، وأبلى بلاء حسنا، وأجاد وأفاد، وجدد وطور، وأتعب من جاء بعده.
وأما على المستوى الإنساني فيشهد الجميع أنه كان شخصا هادئا مهذبا ودودا خلوقا، ملتزما في عمله مواظبا على حضور محاضراته ومتابعة طلابه، يصغي أكثر مما يتكلم، يؤدي ما عليه من واجبات حتى بعد أن داهمه المرض، وأجريت له عملية قلب مفتوح عام 2009، وظل متأثرا بمرضه إلى أن حضرته الوفاة في الثلاثين من يونيو عام 2021، ومع ذلك فقد كان حريصا على حضور مجالس القسم وعدد من أعمال اللجان، ولم يتأخر يوما واحدا عن تقديم ما يطلب منه من أعمال، فكان الالتزام المعروف عنه عنوانا ملازما له، لم يتخلف عنه أبدا.
ولقناعته بأن الأكاديمي يجب أن لا يتوقف عن البحث والتأليف، فقد ظل يكتب حتى وافته المنية، متحديا المرض والآلام، وترك للمكتبة اللغوية إرثا متنوعا، بين تأليف وتحقيق وترجمة، ومن أعماله: نهج البلاغة: تحقيق وتوثيق، وعلم الدلالة: ترجمة لكتاب بالمر semantics، وأصول النغم في الشعر العربي، وشواهد أبي حيان في تفسيره، وإعراب القرآن في تفسير أبي حيان، ولغة القرآن في سورة النور، ولغة القرآن في سورة يس، وتشومسكي: فكره اللغوي وآراء النقاد فيه، وديوان عنترة: دراسة دلالية، ومناهج التبويب النحوي عند العرب، والكافي في النحو وتطبيقاته، والكافي في الصرف وتطبيقاته، ومدارس نحوية ولغوية، وعلم اللغة الاجتماعي: مفهومه وقضاياه، والمعجم العربي والتطور اللغوي، ومعجم مصطلحات العلوم اللغوية، وآفاق جديدة في علم اللغة التطبيقي، واللغة والفكاهة، ومعجم علم اللغة الحاسوبي للمصطلحات والاختصارات والرموز، إنجليزي – عربي.
رحم الله الدكتور صبري إبراهيم، وجعل ما قدمه علما ينتفع به.