عطرة
كفى عسيري | السعودية
يمرر سؤاله اليومي بإتجاه من يلمح:
كم باقي على رمضان؟
تسير الأيام بثقل ورتابة..يشعر أن شيخا هرما هو الذي يجرها لفرط بطئها وحركتها الوئيدة..
قلبه يكاد يطير من صدره فرحا كلما غابت شمس يوم ليأتي الآخر كي يعيش ذات الترقب..
يزحف اليوم التاسع والعشرون من شعبان فيشعر أنه كثيب رمل في ليلة ساكنة لا رياح فيها..
وثب منذ الشروق يوقظهم بذات السؤال:
هل غدًا هو أول أيام رمضان ؟
يتأمل أن يكون الشهر ناقصا..منذ أذان المغرب وهو يقبع في حالة ترقب أمام التلفاز يرجو الصوم.. يظهر المذيع ليخبر أن يوم غد الاثنين هو المتمّم لخيبته واستمرار انتظاره ليوم آخر..
يجرّ نفسه وانكساره مغادرا غرفة الجلوس..
يجلس تحت شجرة (ملكة الليل) يبكي.. تباغته أخته: لماذا تبكي؟
لايجيب ..يهرب بحزنه الشاسع إلى حجرته
يأتي اليوم الأخير من شعبان وتأتي معه أولى البهجات..تناديه أمه: سعيد تعال ..خذ هذي ( الباغة) اعط آل أبوكْ مرعي..يختطفها من يدها وينطلق دون حذاء..يجد الأم في مدخل المنزل تسقي مزهرياتها ..يناولها وهو ينظر إلى داخل المنزل..تنتبه أنه يبحث عن صغارها.. دون أن يسألها تخبره أنهم ذهبوا جميعهم مع والدهم إلى السوق الشعبي.. يطأطئ رأسه ويركض عائدا.. يختلق الأفكار حتى يجز وقته الطويل ليأتي أول أيام البهجة..
جاء اليوم الذي كان ينتظره بقلب لفرط شوقه يكاد يطفح من عينيه، وبروح تهم أن تنفطر وجدا..استقيظ كعادته باكرا..
سمعته أمه يخرج ويعود.. تسأله أن ينام قليلا فالوقت مبكر والجميع صائمون ولا أحد في الخارج..
عاد يحاول النوم عبثا..بقي في حجرته حتى قرب وقت أذان الظهر.. يسمع أمه في المطبخ..يذهب إليها يسأل ماذا ستعد على الإفطار..تعد له الأصناف: شوربة، سنبوسة، محلبية، مكرونة،
يزعجه أن لا أحد يساعد أمه، ويخبرها أن هذا كثير وشاق..
قالت له: إن هذا التنوع في الأصناف من أجل أن تطعم الجيران كما جرت العادة كل عام..
رد سريعا: أنا..أنا أعطي آل أبويَهْ مرعي.. قبل الآذان بوقت كاف حمل قدر الشوربة.. يسير بهدوء حتى لا ينسكب شيء منه.. يتحمل حرارة الإناء حتى وصل..وضعه ليرتاح قليلا ثم يقرع الباب..يطل عليه علي وعبدالله :
تعال..تعال أفطر معنا ناخذ فطورنا في المجلس..
لا..لا ؛ فرحة طافحة من عينيه الصغيرتين وهو يسأل فين عطرة؟
أجي بعد التراويح نلعب كيرم، ونسمر ؟
نظرا الأخوان كل منهما في الآخر: عطرة تغطّتْ ما عاد يخلونها أهلي تلعب معنا.