عبد الكريم الطبال الشاعر الأقرب
إسماعيل السخيري | المملكة المغربية
اللوحة للفنان الهولندي: يوهانس روزيرس
لست أدري هل يعرف القارئ المشرقي هذا الهرم الذي أفنى حياته في الشعر ،وأحب هذا الجنس الأدبي وأخلص له، لكنني في الآن ذاته يمكنن أن أدعي بأن القليل من المشارقة والمغاربة أيضا من يعرفون هذا الرجل العظيم..الشاعر العظيم ..الرومانسي العظيم ..الصوفي العظيم ..، نحن نعرف أننا في هذا العصر أبعد بكثير عن الشعر وخصوصا الشباب الذين استبدلوا الذي هو أدنى بالذي هو خير ، فضلوا التوافه وابتعدوا عن المنافع، لكننا لن نيأس في التعريف بأعلامنا ، لن نمل ذكر العظماء ولن نفتر عن ذكرهم وذكر حسناتهم دون أن ننسى بعض مثالبهم وإن قلت ، وذلك بغية الموضوعية في النقد والتقييم.
يعد الشاعر العظيم عبد الكريم الطبال(1931-..) ، أو ناسك الجبل كما يسميه البعض ، من الأسماء الأساسية في الشعر المغربي وخصوصا الحداثي ، فلقد بدأ الرجل الكتابة في سن مبكرة عندما كان يدرس بجامع القرويين بفاس قبل عام 1959 ، وانخرط في مسار إبداعي منذ ذلك الحين إلى الآن، لم يمل ولم يكل ، بل كل عقد يجدد موضوعاته ويجدد شكل قصيدته الصوفية أحيانا والرومانسية أحايين كثيرة، ذلك أنه مواكب لتطور القصيدة العربية عبر مختلف الأزمنة ومساهم كبير في رقيها وتقدمها وكيف لا وهو من عاصر فحول الشعراء من الجواهري إلى نزار قباني وكذا باقي الشعراء المغاربة والمشارقة بل وحتى الشعراء الإسبان الذين جلس معهم وحاورهم وراقب إنتاج الخطاب الشعري الإبداعي الإسباني عن كثب مما مكنه من صهر وتذويب كل التجارب الشعرية الكونية وكتابة قصيدة كونية حالمة يجد كل منا روحه ونفسه فيها ..، إن الحديث عن هذا الهرم في هذه السطور الحقيرة هو في الحقيقة إساءة لشاعرنا العربي الكبير رغم أنه لا يحب أن ينادى بالشاعر الكبير لأنه يقول بوجود شاعر أقرب وأخر قريب وهكذا ..،ذلك أن اختصار تجربة بحجم تجربة عبد الكريم الطبال في سطور كهذه أقرب إلى الهرام والحمق منه إلى الصواب والجد ، فأرجو أن أكون قد قربت لكم الصورة وقدمت ذرة من مما يجب أن يقدم ويُعرف حول هذا الشاعر العظيم الذي أنجر أكثر من باحث دراسة حوله ، بل وكتب حول تجربته العديد من الشعراء والنبغاء وأحبه الصغير والكبير ، ويكفي هنا أن أشير إلى بعض دواوينه وبعض الكتب التي تناولت تجربته:
ديوان الطريق إلى الإنسان
ديوان الأجنحة المنكسرة
ديوان البستان
ديوان آخر المساء
ديوان عابر سبيل
ديوان بعد الجلبة
ديوان موال أندلسي
ديوان نمنمات
ديوان في حضرة مولانا
ديوان الوردة فوق الأرض
وسيرة ذاتية فراشات هاربة
ومن الكتب التي تناولت تجربته :
الإنسان والكون في شعر عبد الكريم الطبال ، عبارة عن رسالة دكتوراه للشاعر جواد الخنيفي
عبد الكريم الطبال، ناسك الجبل ، حوار في الحياة والشعر، للناقد عبد اللطيف الوراري
-عبد الكريم الطبال أشعار أولى ، للدكتوراه هدى المجاطي رحمها الله
-عبد الكريم الطبال وحسن بيرش رسائل الغواية ، للكاتب حسن بيرش.
زد على هذا عشرات الكتب التي لم نذكرها وعشرات المقالات المنشورة في الصحف والمجلات وشهادات عدة في حقه ..
من حسناته العظيمة أيضا أنه من مؤسسي المهرجان الوطني للشعر المغربي بمدينة شفشاون السياحية، حيث حضر هذا المهرجان ولازال يحضره العديد من الشعراء الكبار من داخل وخارج المغرب (نزار قباني- أحمد المجاطي -أحمد الجوماري -محمد بنطلحة – أحمد بنميمون ..)
وهذا أكبر دليل على أن الرجل يكتب ويحب الكتابة في جنس الشعر ويشجع على ذلك أيضا..