الشواعر في الصين أكثر جرأة من الشعراء
نداء يونس | فلسطين
اللوحة للفنان الإيطالي: يوجين فون بلاس
أن تجد تمثالا لامراة عارية مجنحة في الصين هو واحد من الأمور التي تثير الاستغراب.
اعتقدت مطولا بعد رؤية هذه المنحوتة أن التنين الصيني كان بالأصل امرأة قفزت من قاعدتها الحديدية أو عبر زمن لم يكن لها فيما تزال الأخريات يحاولن ويصرخن كي تنكسر القشرة ويخرجن.
الشاعرات الصينيات أكثر جراة من الرجال الشعراء الذين يصرون على التمسك بالتقاليد والأفكار الموروثة، كما أن لهن قدرة على التحليق خارج العوالم بل وإعادة كتابة الأسطورة، تخيل معي أن تقول إحداهن: أبولو يجمع القطع النقدية من بين أوراق الأشجار مثلا، فأي إعادة أسطرةٍ للاسطورة وأي تحويل من الشعرية والروحانية والحب إلى عالم مادي وأي إله إمبريالي صار أبولو.
تدرك الشاعرات أن لهن أجنحة، النساء العاديات لا، وفي هذا الإطار تظل مجتمعات كاملة تنتج ذات الأطر مع بعض الاستثناءات مثل الصديقة الذكية والمذهلة وعضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني “نجوى”.
يمكن للنساء أن يقفزن عبر الزمن أو من الثوابت الراسخة، بشرط أن يعرفن أن لهن أجنحة، هكذا يولدن من جديد، عاريات كما ولدتهن الطبيعة ودون قيود وجاهزات كي يخبزن أجسادهن في التجربة دون مساعدة، ويمتلكن أدوات التحليق التي تمكنهن من القفز إلى أعلى.
الشبه بين امرأة عاشت قبل ألفي عام مثلا وامراة في قفص اللحظة، لا يكمن في الشكل الذي يمكن أن تمنحه “الكارما” لذات الروح إن ولدت بنفس الصيغة الجنسانية، لكنه في الأجنحة، فلا تنظر إلى وجوه النساء لتدرك الشبه، بل في ظهورهن، هناك ربما يكون عاشق قد كتب نصا أو ربما يكون إله قد خلق جناحا وربما يكون أيضا قد غرس غادِرٌ موتورٌ حاقدٌ وغيورٌ نصلا.
فعل الصواب يتطلب إحداث الكثير من الفوضى؛ هكذا تؤكد قاعدة التمثال التي تمكنت امرأة من مغادرتها فيما على الأخريات نزع ما علق بهن من أسمال وقناعات كي تولد أجنحتهن من شرنقات مغطاة ويحلقن.
تبعد هذه المنحوتة أمتارا قليلة عن أضخم نافورة موسيقية في الصين، هل للموسيقى علاقة بالأجنحة والتحليق دائما؟ هو مجرد سؤال استنكاري، والاستنكار ليس لمضمون السؤال، بل لمضامين التحريم التي تعيق الحرية دائما وتطال كل ما يساعد النساء عليها في أديان يفترض أنها سماوية كالموسيقى تماما.