نَسغُ عفراء
عبد الله علي شبلي | مسؤول الإعلام للمهرجان الدولي للشعر والفنون
اللوحة للفنان الإيطالي: تيتو كونتي
ولأنك هناكَ…
حيث أنتِ كما كنتِ
وحيدةً…
فينيقيةً
كعهدي بكِ
فلن تدين الولاءات إلا لك
وحدَك
وحيثما كنتِ دوماً
تزدان فراشات عينيكِ بغمازات حرفي
لاشيء يبعدني أو يدنيني
من رواء ثَغْرك الغاوي
سواك مكتنزةً ومكَنّسةً
شطبٌ وسَحبٌ
ولاَ سُحُبَ تودق
ولا كرومَ تورق
إلا حالما تَبْسُم عيناك عسل الترياق
فتصير التفاعيل
محرابَ زهد بلا شبيه يُعْلي
أما بقية التفاصيل
فهي نتفُ عبارات ورقيعُ ضياعٍ
ولا رتيقَ يُصْنَع
وأنا…
هناك وحدي
لا تحُدني التعابير
ولا تُجيدني
بلا شبيه ولا نظير
تجلٍ وتحلٍ
لاَ تخلي
هل الزهد إلا وُقوفٌ على غير استواء
ونار حكمة تدمي ولا تدني ؟
وهل الشعر إلا حكايا توهب على غير انتظار
ومجلبةُ عارٍ ومثلبةٌ في زمن غير الزمن ؟
فلمَ تهيمُ حواء بالشعر !
وكيف تعشق الفراشات نار الحكمة!
بروميثيوس والسندباد كلاهما جدير بالحكمة
غير أنهما لا يُرصفان الشعر أبداً
واحد لاحقته لعنة التاريخ
لأنه يسرق نار الآلهة
والآخر مات منفياً
يبحث عن المعنى في غير استحقاق
دون أن ينالَه
لاشيء يَعْدل الفقدَ والوجدَ
ولاشيء يُكَفّن القريضَ والوريدَ
كلاهما نبض ووعيد
وكلاهما نار موقدة ولا وصيد
لا سَليب يُوهَب لبّ الحجى عنوة في ليل بهيم
وحده يفعل ذلك :
عُبيدُ زرقاء اليمامة
تَبيعُ الرمال والنوق
حينها…
تُرسل الخيام تباعاً على رِسلها
راعياً عرافاً أشعثَ أغبرَ
يرى رؤيا ما لاتراه الأبصار
دون تميمة عُرْبٍ
ولا بياض وَدَعٍ
ودون تعاويذ أو سُبَحٍ
دون دعوة تُجاب
ودون قَسَم مبرور
حينها…
تُضوّع عفراءُ ريح المسك بساقيها العاجيين
وهي تداعب غبراءَ الشام في خفرٍ وغَجَر
مكتحلةً بمرود تِبرٍ يحبك القريض والصهيل
يَحْبِكُهما
نسيجاً لانكث فيه
هو ذاك الوِردُ يا عَفراءُ !!!
ولا وِردَ بعده
ومن عينيك وحْدَهما
ينبع الزناد والميعاد
ومن نسغهما
يُشَقّ الزاد والمعاد