جنون العاشقين وأيامه!
د.فيصل رضوان| الولايات المتحدة الأمريكية
أليس ما نعنيه بـ”الوقوع في الحب” أصبح اليوم نوعًا من المرض والجنون ، أغلبه وهم ، وعمى عن حقيقة الشخص المحبوب؟ ما سبب جنون الحب والحزن الذي يشعر به أحد العاشقان المفتونان؟.
عندما وجد “روميو” حبه يضيع بلا مقابل، قرر استحالة العيش ونفذ الإنتحار. وهذه “جولييت” الجميلة لا تستطيع رؤية جثته، ويغلب عليها اليأس هى الأُخرى، وتنتحر.
تراثنا العربي به الكثير من قصص العشق والهيام، منها ما إنتهى نهاية سعيدة، ومنها ما وصل إلى طريق مسدود ومات العاشق في نهاية الأمر دون أن يصل لغايته، أو قرر يؤذي محبوبته. ولعلنا سمعنا بقصة “قيس” مجنون ليلى التي فيها قدر من الحب غير عادي. فالرجل قد فعل فيه الهيام الأفاعيل، حتى أصبح يطارد الجبال والوديان ويمزق الثياب ويكلم نفسه؛ وهل بعد ذلك إلا الجنون؟!!
لقد سمعنا عن عاشق يكتب شعرًا جميلًا عن الهجر والفراق، وآخر يصل الى الجنون ويموت بالحسرات، ولكن لم نسمع عن عاشق يقتل من أحب.
ولعل الهيام هو إحساس إنسانى مرهف، يرتبط بالنضج الجسدي والوجداني والعقلى. لكن حينما يرتبط نفس الإحساس بالرغبات والأهواء، ربما يسبب خلل العقل وإختفاء الحكمة. وهنا يتحول الحب الطاهر إلى لوعة جارفة، ورغبة متمردة، ومحاولة امتلاك غير مستحقة.
مرض الحب lovesickness أو الحب المُمرض هو بلاء شديد تتولد عنه مشاعر سلبية خطيرة نتيجة غياب أو رفض الحبيب.
فهل هناك دليل على خطورة العواقب المرضية وتأثير حسرة القلب على الجسم والعقل؟
توصلت دراسة علمية أن العشاق يمرون بنوع من الشعور بنشوة مشابه لما بسببه تعاطى المخدرات مثل الكوكايين.
غالبًا ما نتجاهل أعراض جنون الحب، أو يتم الخلط بينه وبين أعراض أخرى لأمراض عقلية. وفى النهاية يتبين أن كل الأمراض التي يواجهها المرء، سببها الحب وخيبة الأمل كمشكلة أساسية.
الحب المَرضى أصبح أمر خطير للغاية، خصوصًا عندما يكبت المرء شعوره بالمرارة والألم عن الآخرين، ولا يستطيع التأقلم، ولا يطلب المساعدة. حينها يتحول الحب المريض إلى الحب القاتل.
بعض هذه أعراض العشق قد تبدو غير ضارة، ولكن يمكن أن تتحول إلى شيء أكثر خطورة.
وغالبًا ما يكون الشك والأرق والأفكار السلبية هي بطاقات الوصول الى الاكتئاب الشديد.
في كتاب عنوانه “الطبيعة الاجتماعية للمرض العقلي” ، يقول المؤلف “لين باورز” أن ظواهر الإصابة بمرض الحب قد لا تستوفى المعايير السريرية كأدلة كافية تجعله مرضًا عقليًا أو خللًا وظيفيًا فى المخ، مما يستدعى العلاج الطبى.
لكن على النقيض، بعض الأطباء يقترح أن الوصول لدرجة الهيام واللوعة مع استمرار رفض الحبيب وعناده، قد يوصل صاحبه الى مرض فعلى، لأنه صدر من تأثير شعورى عميق للغاية، ويجب أن يؤخذ على محمل الجد، ولا يجوز تجاهله طبيًا.
ويقترح الأطباء بأن هناك تشابه كبير بين أعراض لوعة المحب المرضية مع اضطرابات نفسية معروفة عن وعكة الكرب والتوتر DSM-IV أو الوسواس القهري (OCD)،
لأنه يتضمن الانشغال pre-occupation المضنى وتغير فى المزاج. حيث وجدت دراسة أخرى أنه فى المرحلة الرومانسية المبكرة من علاقة الحب، تنخفض مستويات الناقل العصبى السيروتونين إلى حد يقارب مرضى الوسواس القهري، وهو أقل بكثير من مستوى الشخص السليم.
لمزيد من الإطلاع:
Romantic Love vs. Drug Addiction May Inspire a New Treatment for Addiction
Zhiling Zou and others 2016. frontiers in Psychology
The Social Nature of Mental Illness.
Leonard Bowers 2003. Taylor & Francis Gr.