الأنوثة هي الأصل.. قراءة في رواية الفلسطينية قمر عبد الرحمن ” كوفيد الأحلام”
ليلى الدّاهوك | إعلاميّة وشّاعرة لّبنانيّة
“كوفيد الأحلام” رواية مشوّقة واقعيّة بإنسيابيّة مميّزة في السّرد تأخذك معها إلى عالمي الواقع والأحلام معًا. إضافة إلى بصمات تعليميّة خاصة، وطبق وافر من العبر المستقاة من الآيات الكريمة والأمثال الشّعبيّة.
مع هذه الرّواية يجد القارىء نفسه في حضرة الوعي والفصاحة والإيحاء المبدع. ويدرك أنّ مسيرة قمر الرّوائية من قماشة الحبق وخيوط الزّمرد. فهي لا تحتاج إلى بطاقة عبور للآخرين، لأنّ شعاع حرفها يخترق الظّلمة ويكتسح المدى. وبساطة وصدق كلماتها تتسلّل إلى القارىء دون استئذان.
حين نقرأها بقلوبنا، نجد أنفسنا في رفقة قلم لا يتخطر إلا على الذّرى ولا يأنس إلا للمناخات العلى. تصوغ كلماتها كنسيج شفيف راق من النّحت الجماليّ ونقاوة الحرف، لتطرح وتعالج مشكلات معقّدة ضمن رواية واقعية أخّاذة، مثل تعامل مجتمعنا مع الفتاة كعانس وما ينتج عنه من مشكلات، إضافة إلى النّظرة الدّونيّة للمرأة، وموضوع زوجة الأب والأولاد وأهميّة وخطورة دورها في الوقت نفسه.
كما تعرّج على أحوال النّاس وطباعهم كالكرم والبخل والتّواضع والغرور والفقر إضافة إلى معالجتها لمسألة النّظرة والموروثات الثّقافيّة والإجتماعيّة للزّواج. والرّؤية التّقليديّة لدور الفتاة في المنزل وعدم الاكتراث بأحاسيسها وأحلامها ولا يخفى عن قمر دمج الواقع الجديد في ظلّ كورونا بكلّ متغيراته بالرّواية.
بعد أن تنهي قراءة “كوفيد الأحلام” تتيقّن من مقولة “محيي الدّين بن عربي”: أنّ “كلّ ما لا يؤنث لا يعول عليه” وتوافق “نوال السّعداوي” التي واجهت الغبن اللّاحق بالمرأة بالقول: “إنّ الأنوثة هي الأصل” .
فهنيئًا لعالم الرّواية بأديبة بواحة صائغة للكلمات.