لقاء بايدن ـــ بنيت…. الفشل،وما بعد الفشل…. الفشل، وما بعد الفشل
بقلم: عصري فياض
لم يكن اللقاء الذي جمع الرئيس الامريكي جو بايدن ونظيره الاسرائيلي نفتالي بنيت ناجحا ولا موفقا بل الابعاد،لا من ناحية ألتوقيت ولا جوهر البحث، ولا لجهة ألنتائج ولا حتى الرسائل المتبادلة التي احب كل طرف من الاطراف اسماعها للآخر،فالتوقيت جاء مزعجا بالنسبة للرئيس الامريكي بايدن، فقد جاء في خضم تداعيت الانسحاب الامريكي المذل من افغانستان، وسرعة إنهار حكومة افغانستان المدعومة من الولايات ألمتحدة، والتي انفقت عليها وعلى جيشها الولايات المتحدة ترليون دولارعلى مدار عشرين عاما ودفعت نحو 2300 جندي قتيل ونحو عشرين الف جريح، وزاد الطين بلة الهجمات التي وقت حول المطار الافغاني،وما اوقعته من خسائر بشرية كان للجيش الامريكي نصيب منها بـاحدى وثلاثون جنديا وضابطا بين قتيل وجريح ، مما دفع الرئيس الامريكي وإداراته بمتابعة الحدث باهتمام بالغ، الامر الذي ادى أن يؤجل اللقاء مع الرئيس الاسرائيلي لأكثر من اربعة وعشرين ساعة.
أما جوهر اللقاء،فقد تركز على الملف الايراني من الجانب الإسرائيلي ذلك الهاجس الذي لا ينتهي ،فقد طرح الرئيس الاسرائيلي وعلى مدى مدة اللقاء التي كانت مقررة خمسة وعشرون دقيقة،فطالت حتى اصبحت اربعون دقيقة طرح خططا للتعامل مع تطور البرنامج النووي الإيراني وقال لا نريد من أحد ان يحارب عنا لكن يهمنا ان تكونوا ظهرنا، أما الرئيس الامريكي بايدن فقد ادخل في الحوار المسألة الافغانية التي يقع تحت تأثيرها وافرد لها مساحة في الحوار، وأكد على أمن دولة اسرائيل كأمن مطلق بالنسبة للولايات المتحدة،وهي كلمات أصبحت نمطية في فم كل رئيس امريكي سواء كان جمهوريا او ديمقراطيا، لكنه رد على طرح الخطط الاسرائيلية للتعامل مع البرنامج النووي الايراني بان قال الاولوية للتعامل الدبلوماسي،في اشارة لجولات التفاوض حول عودة الولايات المتحدة للاتفاق النووي، وقال إن لم ينجح المسار الدبلوماسي،فسندرس الخيارات الأخرى وكانه يقول لبنيت ” لا تقم بأي تصرف يخلط أوراق سياستنا تجاه هذا الملف”.
أما النتائج فلم يخرج الرئيس الاسرائيلي والذي رفع مؤخرا هو ووزير حربه بيني غنتس،ورئيس اركانه أفيف كوخافي نبرة التهديدات الساخنة تجاه ايران، واكدوا في كل اللقاءات والتصريحات انهم لا يستبعدون التحرك عسكريا ولو بشكل منفرد لايقاف البرنامج النووي الايراني قبل أن تصبح ايران قادرة على صنع قنبلة نووية كما يدعون، فبنيت لم يخرج إلا بعبارة ترضية من الرئيس الامريكي وهي تكرار دائم في السياسات الامريكية تقول ” ملتزمون بأمن إسرائيل إلتزام مطلق”، وهذه العبارة كان بالإمكان ان يحصل عليها بنيت عبر الهاتف دون أن يشد الرحال نحو واشنطن المتخبطة في الملف الافغاني وتداعياته.
لذا سيعود الرئيس الاسرائيلي من الولايات المتحدة بأول زيارة له كرئيس وزراء دون تحقيق أي نتيجة كان ينتظرها، سواء كان الهدف من زيارته دفع الولايات المتحدة للوقوف عسكريا الى جانب اسرائيل في حال قررت اسرائيل مهاجمة المواقع الايرانية النووية، أو رفع النبرة من قبل حكومة الاحتلال تجاه هذا الملف لابتزاز شروط يراد فرضها على طاولة مؤتمر فينا الخاص بالاتفاق النووي، أو حتى تقديم خدمة لسياسة الولايات المتحدة من خلال التحرك العسكري لكسر الجمود وإرغام الجمهورية الايرانية على تقديم التنازل،لتأخذ اسرائيل بعدها ما تريد من الادارة الامريكية.
لم ينحج بنيت بأي سيناريو تخيله أو اراد صنعه امام العم سام،وهذا الاخفاق الذي لحق به،قد يدفعه الى أمرين،ينزلق اليهما، ليس من دافع التصميم والاختيار الاستراتيجي المدروس، بل بدافع ردة فعل الفشل والإخفاق، وهما :-
أولا : قد يخفف من نبرته ونبرة وزراءه تجاه التصعيد الكلامي تجاه البرنامج النووي الايراني،ومفاوضات فينا،وينتظر النتائج التي قد يكون فشلها لصالح خططه ويقرب موقفه من موقف الرئيس الامريكي بايدن.
ثانيا : هو التهور، بمعنى أن ينفذ تهديداته ويتحرك عسكريا تجاه ايران،بالرغم من يقينه أن مثل هكذا مغامرة قد تجر الويلات عليه وعلى كيانه، أو قد يختار استعراض القوة باعتراض سفن ايرانية محملة بالنفط والدواء تعبر البحر تجاه لبنان،الامر الذي قد يؤدي لمواجهة مع حزب الله وثيق الصلة بإيران والذي يقوم على فتح هذا الخط بين لبنان وايران لكسر الضائقة الاقتصادية الصعبة التي يعيشها لبنان بفعل الحصار والأزمة التي تعصب به منذ بعض الوقت، أو يتحرك تجاه قطاع غزة،ليرمم صورة الردع التي تآكلت في معركة سيف ألقدس من جانب، ومن جانب آخر يبقي على الصوت الاسرائيلي حاضرا في اروقة الادارة الامريكية التي شعر بفتور مكانتها في البيت الابيض.
وفي كلا الحالتين ايضا سيفشل،فالتراجع سيظهره بضعف وبصورة صاحب عدم الحكنة السياسية،وسيكون هدفا لإسهام الانتقاد من معارضه خصوصا نتنياهو المتربص به وبحكومته، وفي التهور ايضا مخاطر لا يمكن التنبؤ في نتائجها التي قد تكون كارثية وغير متوقعة، ليضاف فشل اللقاء على فشل ما بعده، وبالتالي نصل لدليل اضافي يقول أن اسرائيل لم يعد فيها قادة حقيقيون، وأن ” الملوك” في مشروعهم قد إنتهوا، وما بقي غير التلامذة ، والتلامذة لا يقودون مناهج التعليم.