جمعيتان يهوديتان، وقصة واحدة
بقلم: توفيق أبو شومر
يوم 29-6-2018م كان حدثا استثنائيا، لم تُبرزه سوى صحيفة، هآرتس، القصة تجاوزتها معظمُ الصحف العبرية! ملخص القصة:
“قامَ خمسة شبان من الأمريكيين اليهود المستفيدين من الرحلة الجوية، من أمريكا إلى إسرائيل بفعلٍ شاذٍ عند وصولهم إلى إسرائيل، فقد انفصلوا عن مجموعة الرحلة المحروسة، أي، لم يلتزموا ببرنامج الرحلة المقررة، ولم يُنفِّذوا التعهد الموقع عليه، قبل سفرهم فالتحقوا بأعضاء من منظمة، كسر الصمت اليسارية، وقاموا بجولة داخل مدينة الخليل، رأوا حقيقة الاحتلال، وشاهدوا الفصل العنصري في الخليل: وغردوا في صفحات التويتر، والفيس بوك قائلين:
“أنتم تُخفون الحقائق عنا” “لم تقولوا لنا الحقيقة، هذا ليس عدلا، نحن نسعى للحقيقة” “الخريطة الموزعة علينا ليس فيها (الضفة الغربية) “
كانت تلك تغريدات الشباب اليهود الأمريكيين المنتسبين لجمعية، تاغليت بيرث رايت إسرائيل،
Taglit Birthwright Israel، هي جمعية أمريكية يهودية متخصصة في تنظيم رحلات للشباب اليهود فقط، أي، من هم في سن 18-32، بشرط أن يكون أحدُ الأبوين يهوديا. أو قد تهوَّد وفقَ طقوس الحاخامية، هذه الجمعية تسعى لتوثيق روابط الجيل الجديد باليهودية، تجذبهم من كل بلدان العالم، وتتولى توثيق علاقتهم بإسرائيل، بلغ عدد الشباب المستفيدين من برنامج الرحلات خمسة وستين ألف شابٍ وشابة.
أما عن الملياردير المؤسِّس للجمعية، وداعمها بالمال منذ تأسيسها عام 1999م هو (عرَّاب) إسرائيل الأول، الجمهوري الأمريكي، الملياردير، شلدون أدلسون، مالك صحيفة إسرائيل هايوم، وصديق دونالد ترامب، وأكبر داعميه في الانتخابات الأخيرة، وهو أيضا صديق نتنياهو.
الشروط التي يجب أن يوقِّع عليها المستفيدون من الرحلة إلى إسرائيل:
“ممنوع الانفصال عن المجموعة بأي حالٍ من الأحوال، محظورٌ دخول الضفة الغربية، أو قطاع غزة، أو شرق القدس، ممنوع ركوب المواصلات العامة، ممنوعٌ المشاركة في أية لقاءات مع (عرب) إسرائيل!”
أما الجمعية الثانية، فهي جمعية Ifnotnow أسسها شبابٌ أمريكيون يهود للرد على الجمعية السالفة، ودحض مزاعمها المُضلِّلة، أسسوها عقب الحرب على غزة، عام 2014 وفق المبادئ التالية: “أوقفوا الحرب على غزة، أنهوا الاحتلال البغيض للفلسطينيين، الحرية والعدالة والمساواة للجميع، تدعو الجمعية كل المؤسسات والجمعيات اليهودية الداعمة لإسرائيل، أن توقِف دعمها للاحتلال، وفق شعار:
لا تتحقق حرية اليهود إلا إذا تحققت حريةُ الآخرين”
تتولى جمعية، إف نط ناو، تنظيم رحلات لزيارة الفلسطينيين الرازحين تحت الاحتلال في الضفة الغربية وشرق القدس، ولها مندوبون في معظم مطارات أمريكا لتشجيع الشباب اليهود المُغرَّر بهم ليتمردوا على جمعية، تاغليت بيرث رايت، وإقناعهم بالانفصال عنها!!
أوردتُ قصة الجمعيتين للرد على أحد سياسيي فلسطين المعاصرين، المناضلين، المثقفين. هذا السياسي يرى أن كل اليهود يجب أن يوضعوا في سلة واحدة، هم وجهان لعملة واحدة!! كلهم صهاينة عنصريون، وأن اليساريين هم أسوأ من اليمينيين، وأن المؤرخين الجدد ظاهرة صوتية، وأن إسرائيل شاحاك، وإبراهام بورغ، ويهودا ماغنس، وأنشتاين، وإيلان بابيه، وشلومو زاند، ويوري أفنيري، وغدعون ليفي، وكل أعضاء حركة ميرتس، كلهم صهاينة عنصريون، لا يجب الحديث معهم، أو الاقتباس من أقوالهم، أو الاستفادة من مواقفهم، وكلُّ مَن يُخالف تعليمات هذا السياسي البارز، أو يعترض عليها، تُلصق به تهمة (مُطبِّع)، وهي في عُرف هذا المثقف جريمة وطنية، تدخل في إطار الجوسسة والعمالة!!
سؤال أخير:
مَن المستفيد الحقيقي من نشر، وتوزيع، وترسيخ هذه التهمة؟