صَـدِيقانْ
صبري مقلد | مصر
عرفتُـكَ يـا فـقـرُ خِــلًّا وفـــيًّـا
إذا غـبـتُ عـنـكَ تُـنـادي عَـلَيَّـا
///
فـمـنذُ التقيـتُـكَ طـفـلًا بريئــًا
أكَـلـنـاهُ خُـبزًا ومـِلحـًا سـويّــا
///
وحين هجرتُـكَ سعيـًا لِـــرزقٍ
حسبتُـكَ تنقُضُ عهــدًا قـويًّـا
///
تَخَذتُ الدراهِمَ صَحبًا حَميمًـا
ظننتُ الـوِفــاقَ يــدومُ مَـلـيّـا
///
ومَـرَّت ثَـمَـانٍ بِـعَـيـشٍ رغــيدٍ
ثَـريـدٍ ، هَـريسٍ؛ وبَشَّ المُحيّـا
///
وودَّعتُ عَـدسـًا وفولًا صباحـًا
وخاصمتَ كِشكـًا بزيتٍ عشيّــا
///
أتـتني الـموائدُ مِـنْ كُـلِّ حَدبٍٍ
تضـمُّ الكـبابَ، ولحمـًا طـريّــا
///
يراوحُها حين يخـبـو اشتهــاءٌ
طـعـامٌ يُحيـلُ العجـوزَ فــتيّــا
///
أكلتُ الهَـمورَ، صعدتُ الـثُّريَّـا
وصــــرتُ أســيرَكَ ياجَمـبَريـّـا
تَـسَعوَدتُ حِينًـا، وحينًا تَرانِي
كُـويتـيَّ نُـطـقــًا ، عمانيَّ زِيّــا
///
تَـقـطّــعَ حبـلُ رِفـــاقٍ قُدامَــى
فصاروا على القلبِِ عِبئًا وعِيّــا
///
عَجِلـتُ الجَفاءَ، فوليتُ وَجهي
فـماذا عَساهُـم أضافوا إليَّا؟!
///
تقاذفني الدَّهــرُ في شاطئيـهِ
ولُـقِّـفـتُ للنَّـصبِ صَيدًا شَهيّــا
///
فمـاأبقتِ الـرِّيـحُ عِـنـدي غِـلالًا
وحتَّـى البلاطـةُ لَـم تُخفِ شَـيّـا
///
رَفَـعـــتُ الفَـلافـِلَ بـَـعــدَ ازدراءٍ
لأشُـبِـعَ جُـوعـًا تـَوحَّــشَ فِـيّــا
///
وقَـبَّـلتُ رأسَ الـجُـنَـيـهِ اعتـذارًا
تَـمَـلَّـقـتُ ذاكَ المَـريضَ العَـتيّـا
///
سألتُ عَـنِ الـفـقـرِ قالوا: تَـوَلَّـى
وودَّعتَ بؤسًــا وعُمــرًا شَقــيًّـا
///
فـتلكَ الليــالي رَحــاةٌ ضَــروسٌ
تفُــتُّ الضعِـيفَ، وتـذرو الغـبيّـــا
///
ومـا زلـتُ أنعـي زمانــــًا جَـمـيـلًا
وأسكُبُ ذنـبِــيَ مِــنْ مُـقلــتَـيّــا
///
فَـلا الـفَـقـرُ دامَ أنيسـًـا صَـدوقـًـا
وَلا الـمـــالُ أضـفَـى جَمالًا لَـدَيَّـا