شؤون الله
مليكة الحامدي | سوريا
العالم بخير .. و الدنيا ما زال في جَعبتها الكثير من الحكايا لتوزعها على أجيال تلو أخرى .
الحروب الدولية و المجتمعية و العائلية و كل معطياتها بالمُجمل و بالخصوص إنما هي أجزاءٌ من تلك الحكايا المتكررة منذ هبوط آدم و حتى ارتقاء آخر عبد لله ..
هكذا عرّفنا التاريخ الدنيا ، و هذا ما عرّفها الحاضر ..
فالقول بأن ما يحصل في زماننا هذا هو إرهاصات قيام الساعة هو قول لا يرقى إلى الحقيقة .. و إن ما حذا بإنسان اليوم إلى الخوف و الرِّهاب و القلق و كثرة الشكوى و التوجّس من الآتي و الشعور بدنو الأجل سببه النافذة الفضائية التي بالفعل جعلت من العالم قرية صغيرة يسمع سكانها بقطع جناح فراشة في أقصى بقعة جغرافية عنهم .. و إمكانية الإطلاع اليومي على ما يحدث من جرائم إنسانية في أصقاع العالم قد سلب من الكثيرين و خاصة البسطاء منهم و المرهفين و الذين لا يرومون من الحياة إلا السلام و الجمال قد سلب منهم الإرادة و الطموح الصاعد و القيادة السليمة
و جعل الإحباط هو السمة الطاغية على الشعور .
أذكر حين كنت طفلة مشاهد الحرب في فلسطين
و أستطيع أن أقدر كمية الدموع التي كنت أذرفها سراً و علانية على الأطفال الفلسطينيين و أمهاتهم .. و كنت أظن حينها أن فلسطين هي الدولة الوحيدة في الكون من تعاني كل هذا الجور و العذاب .. و أما باقي العالم فهو بخير .
حملنا قضيتها بالروح و بالدم .. و عندما أصبحتُ على مقاعد الدراسة ما زالت القضية الفلسطينية على رأس القضايا الهامة و المهمة التي اكتشفناها لاحقاً من كتب التاريخ و الجغرافية و القومية التي تخص الوطن العربي .. و ظل باقي العالم بخير
بعد انتشار القنوات الفضائية و وصولها إلى قعر بيوتنا بات القلق على المستقبل يتوسع جرّاء ما تعرضه القنوات على اختلاف مشاربها .. و لكن بقي هنالك متسعٌ للقول بأن جزءاً من العالم بخير .
و الآن منذ أن أمست أجهزة التواصل العالمية في متناول أيادينا جميعاً أصبحنا نرى كتلة نار مستعرة تتدحرج هنا و هناك هدفها حرق العالم برمته
و لأجل من و لماذا ؟
نعرف الجهات و الدوافع .. و لكن لشدة سخافتها سنقول تبت يدا كل متآمر على أمن العالم و سلامه..
و رغم كل صراعات الأمم المتعاقبة فإن الله الرحيم الجبار يخبرنا كل شروق أن العالم ما زال بخير .